خواطر على درب الوئام
“نباتات الاخضرار” :
الأخت الفاضلة
قرأت رسالتك الباكية التي أرسلتيها باسمك المستعار إلى هذه الصفحة وهذا حسن ظن بنا نشكرك عليه،
لقد فهمت بعد قراءتها أن زوجك كان يعاملك بقسوة ويعامل الناس بلين..
وأنه مات بسرطان القولون..
وأن الناس أخبروك أن زوجك له أجر الشهيد..
وتسألينني :”كيف لهذا الشخص الذي آذاني طيلة هذه الأعوام أن يكون في الدرجات العالية في جنات النعيم؟”
و جوابي قد لا يرضيك..
لأنني شعرت أنك تريدين مني أن أنكر أن المبطون شهيد، ولا يمكنني ذلك لأن هذا هو قول النبي صلى الله عليه وسلم، وواجب علينا أن نصدقه.
لقد حلَّلْتُ نفسيتك فوجدت أنك امرأة صابرة
والمرأة الصابرة لا تضيع أجرها.
أما الخُطّاب الذين أتوك ورفضتيهم فتعليلك لرفضك لهم ليس منطقيا، إنك لم ترفضيهم لأنك خائفة عليهم من نفسيتك القلقة، لقد كان الرفض لأنك لا تريدين الزواج من شخص آخر..
فقد حدث عندك صراع سببه محبتك لزوجك، كنت في حياتك معه حريصة على إرضائه، وهو حريص على تنغيص حياتك، وتستمرين في البحث عن طريقة توصلك إلى قلبه، ولكنك تفشلين.
ومع ذلك فأنت تُقِرِّين بأنه يمتلك الصفات التي تجعله محبوباً، وتبذلين الغالي ليسعد في حياته
وحين مات ثارت نفسك التي أحبته فرفضت الزواج من غيره..
وثارت أيضاً هذه النفس التي عانت معه فأرادت أن تنكر أنه في جنات النعيم..
فلماذا تسمحين لنفسك العنيدة أن تفسد ما أضمرته نفسك المتسامحة من محبة ونقاء..
كثير من الأزواج يعملون الصالحات ويحسنون معاملتهم مع القريبين والبعيدين، ولكنهم مع أهل بيتهم كالصارم المصقول..
فهل تظنين أن الله تعالى لن يكافئهم على أعمالهم الصالحة، كيف وهو الرحيم الكريم سبحانه وتعالى
أما أنت فقد أديت ما عليك
صبرت وقابلت إساءة زوجك بالإحسان
ولكن تناقض نفسك قد يكون سبباً في نقص درجة زوجك عند الله لأن الله سبحانه يغفر الذنوب ولكنه لا يسامح في حقوق العباد..
ألا تسامحينه ؟
إنك ترفضين الزواج بغيره لأن سنواتك معه كانت كفيلة بأن تجعلك تغلقين عينيك وقلبك عليه
إنه ما زال يحيا معك وأنت راضية بأن يستمر في وجوده في حياتك رغم مماته، وسيكون معك في الآخرة بإذن الله..
فاقتلعي تلك النباتات الصحراوية من حديقة بيتك
تلك التي سقيتيها بدموعك..
واغرسي نباتات الاخضرار في حياتك واسقيها بقطرات التسامح لتكوني مع زوجك في سعادة وأمان.