خمسون عاما
وأنا أعشق امرأة من الجاهلية
يسمونها الدولة العربية
أستظل بضفائرها
أذوذُ عن زينتها
أنفذ أوامرها
خمسون عاما
أراقبها
تتجرع الذل والهوان
بكؤوس الخزي والعار
خوفا تُتقنُ
حُسن الجوار
خمسون عاما
أراقب مزارعها
القاحلة
أراقب حلاوة دمائها
ملوحة قمحها
خمسون عاما
أراقبها
تخبز الغبار
وجياعها تلعق الأحجار
خمسون عاما
أراقب فنادق الموت
تستقبل قبائلها
عطلة أبدية
خمسون عاما
أبحث
عن اسمي
بين النقط والفواصل
عن هويتي
بين القوافي
أبحث
عن ألوية انكسرت
على غيمة ترفض البكاء
خمسون عاما
أراقب وجود ظلي
لأعْرفَ أني حي
وأني أتكلم
حين يسمح
لي
وحدهم
الموتى
وحدهم
لا صوت لهم
ولا يسمعون
وحدهم
الموتى
وحدهم
لا يخشون الموت
ولا يحاربون
وحدهم
الموتى
وحدهم
لا يثورون
خمسون عاما
وأنا أعشق امرأة من الجاهلية
اسمها
الدولة العربية
خمسون عاما
تخون غيابي في حضرتي
خمسون عاما
أشهد حصاد الهزيمة
أرسم خريطة
ممنوعة النشر
يتوسطها
وكر الأفاعي
بين شطريها
تجتث سنتمترا
لقيلولة
أهلها غافلون
وقناع خائن ما
يبتاعها كيلومترا
على كيلو مترين
والوجهة
أولى القبلتين
والحراس بسبات قيلولتهم
فرحون
لا عذر لهم
إلا أنهم خائنون
ونحن
مجبورون … مجبورون
نحن
أن نسكنهم
جوارنا
بل
حسن جوارنا
خمسون عاما
أرمي علامة استفهامي
المكسورة
من أعلى جسر
يعبر جرح التاريخ
خمسون عاما
وأنا أحاول
أن أفهم
هل هي
دولة عربية
أم أنها
محمية غربية
خمسون عاما
تعلمني الوفاء
وتخبرني أنها
لا تعرف عنترة
وتتبرأ الشنفرة
و عشيقها
تاجر
دماء بالمقبرة