كلنا سائرون في اتجاه واحد.. كل منا يحمل هما داخله، يحمل فرحاً.. يحمل شجناً.. يحمل بسمة.. كل له عالمه!!
انتظر هناك؛ في اتجاه موازٍ يا إلهي! هنا حادث رجل يحمل هاتفه ويسرع بالاتصال:
“إسعاف.. إسعاف.. هنا توجد حالة..”.
يسرع بإبلاغ العنوان!
خطوات أخرى، هنا زينة.. إضاءة عالية.. أصوات مرتفعة تهل بهجة.. هنا قاعة أفراح.. اللون الأبيض يميز العروس.. شاب يقبل أنثاه على جبينها.. يراقصها رقصة الحياة.. البداية تبدأ برقصة.. بقبلة.. بضمة.. بنبضة لن تـُنسى.. هي تخبره أنه سبب فرحتها.. بوجوده لا حزن..
سيأتي هو يخبرها أنه بارتباطهما قد بدأت الحياة!
مسافة ليست بالقليلة؛ الناس سائرون يحملون على الأعناق صندوقاً خشبياً.. ما هذا؟ إنه شابٌّ متوفي.. أُم تنتحب على صغيرها الشاب.. تنعى حالها.. تصرخ بجوار الجنازة.. يستوقفها رجل يربت على كتفها.. إنه لا يعلم أنه يزيد من آلامها.. يصوب خنجراً نحو قلبها، فمنذ مات وليدها مات نبض قلبها معه. قُتلت أحلامها الصغيرة.. ستركض في الدنيا وحيدة فوق نبض من عدم.. تركض وهى تتمني لو تلحق بولدها!
سائرون.. سائرون.. سائرون.. مشاجرة عنيفة بين أب وولده، ارتفع صوت الابن.. زاد ارتفاعه.. ينتحب الأب لسوء أدب ولده.. يحزن في قرارة نفسه.. يلومها.. أنا من أفنيت حياتي من أجلك يا ولدي.. ماذا جنيت؟! لقد اختفى اليقين.. فما الذي أفعله لتبقي ولدي الصغير؟! لتعود بنا الحياة؟! خسئت يا ولدي، أنت لست ولدي!
امرأة عجوز تمر بالطريق.. يلحق بها شاب ليأخذ بيديها يعرض عليها ما تريد، “شكراً بني، كنت امرأة مغزولة من أحلام عاشقة تسابق الريح كالطائر الجريح؛ ولّى زمني مسرعاً؛ لكني سأظل على قيد الحياة؛ بإصراري على البقاء؛ بقوة الألم الذي يسوقني إلى الغد المباح!”.