Home Slider site حوار مع الدكتور وليد سرحان مستشار الطب النفسي عن الخجل – هناء...
الخجل سمة يتصف بها بعض الأشخاص، قد تكون مقبولة، وقد تكون سلبيّة بحيث تصل إلى درجة الحد من التقدم في مجالات الحياة المختلفة، كالخشية من الخوض في تكوين علاقات اجتماعية ناجحة أو عدم الإقدام على إقامة مشاريع جديدة، إذ يعاني الخجول من الخوف من الفشل.
حتى نلم بالموضوع بشمول من ناحية الصحة النفسية كان هذا الحوار مع الدكتور وليد سرحان استشاري الطب النفسي في الأردن؛
1. كيف تعرف الخجل؟
الخجل هو شعور وسلوك بالحرج عند التحدث للغرباء، أو لمجموعة من الناس، وهو من السمات المحددة في الشخصية منذ الطفولة والمراهقة.
2. ما هي أعراض الخجل؟
لا يعتبر الخجل اضطرابا نفسيا بحيث أن يكون له أعراض، ولكنه سمة في الشخصية لها مظاهر، مثل احمرار الوجه، الرعشة، التعرق، ومحاولة تجنب الموقف.
3. متى يصبح الخجل سلبيا؟
عندما يصبح التجنب هو الحل، فإن الخجل يتحول إلى الرهاب الاجتماعي الذي يصبح عائقا في حياة الإنسان، والرهاب الاجتماعي من أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً وتصل نسبة الإصابة به إلى 13%، وقد يتطور الرهاب الاجتماعي إلى أن يرافقه الاكتئاب واليأس ومحاولات الانتحار.
4. هل الخجل صفة وراثية يمكن أخذها بالجينات؟
نعم الخجل مثل غيره من سمات شخصية فيها جزء للوراثة وجزء للبيئة والتربية، وكذلك الرهاب الاجتماعي فأن له عوامل وراثية وبيئية.
5. هل البيئة لها دورها في ظهور هذه العاطفة؟
نعم البيئة تلعب دورا إما في تخفيف الخجل أو زيادته، وذلك بما تقوم به الأسرة مع الطفل أو المراهق من أسلوب في التعامل، فالأسرة التي تعلم ابنها التجنب ولا تضعه في أي موقف حماية له من الخجل الاجتماعي، فهي بلا شك تحوله للرهاب الاجتماعي وتثبت هذه المشكلة في حياته.
6. هل هناك فئة تزداد فيها هذه الصفة مثلا من حيث العمر أو الجنس؟
يزداد الخجل في فترة طفولة ما قبل المدرسة، عندما يبدأ الطفل بالبحث عن طريقة للتعامل مع الغرباء، وتظهر مرة أخرى في فترة المراهقة، والأغلب أنها في الطفولة تكون متساوية بين الجنسين، ومع العمر فإن الخجل في المجتمع العربي هو مقبول للفتيات ومرفوض في الذكور، مما يجعل المشكلة أكبر بين الذكور عن الإناث. ولذلك فأن الرهاب الاجتماعي بالرغم من أنه ينتشر بشكل متساو في المجتمع، لكن الذين يأتون للعيادة يكونون أكثر من الذكور.
7. الأسرة لها دورها المهم في تنشئة الطفل، هل يمكن أن يكون لها دور في تكوين صفة الخجل لدى الأطفال؟
نعم الاسرة لها دور أساسي في تعزيز سمة الخجل عند الأطفال أو التخفيف منها، وذلك تبعاً لأسلوب التعامل إذا كان التشجيع والحث لعدم التجنب، فإن الخجل يخف، وإذا كانت المساعدة في التجنب والحماية من المواقف، فإن الخجل يزداد ويتخطى حدود السمة، ليصبح اضطراب الرهاب الاجتماعي.
8. ما هو دور الأسرة للحد من الخجل السلبي؟
دور الأسرة كبير في الحد من الخجل، فلا بد من أن تبدأ الأسرة بتعليم الطفل اللعب والاندماج، واللعب مع الآخرين منذ السنين الأولى المبكرة، وتشجيعه على المبادرة والحديث والسلام على الأقارب والضيوف، والإجابة عندما يسأل عن اسمه أو عمره، وتشجيعه كلما أجاب بحيث يصبح الخجل سمة في الشخصية تخف مع العمر وتتلاشى إلى حد كبير. أما إذا كان الخجل قد تطور للرهاب الاجتماعي فإن الأسرة أيضًا لها دور مهم في الحد منه بالمرحلة المبكرة في المراهقة، لا بد من تشجيع الطفل والمراهق على عدم التجنب، ودفعه إلى المشاركة في النشاطات المدرسية، التحدث أمام مجموعة، المشاركة في الألعاب الجماعية والنشاطات اللامنهجية، وليس الذهاب إلى المدرسة للطلب من المدرسين عدم سؤاله أو إحراجه في الصف، وأحيانًا الذهاب إلى الجامعة والطلب من المدرسين كذلك أيضاً، فهذا سيجعل من الرهاب الاجتماعي أشد.
9. يقال إن الشخصية الخجولة عادة تتمتع بأخلاق حميدة فهي مثلا الأكثر وفاء وإخلاصا في علاقاتها الاجتماعية كالصداقات مثلا.. هل هناك صحة في هذه المقولة؟
لا أعتقد أن هذه المقولة صحيحة، وقد يكون مصدرها أن بعض الشخصيات المضادة للمجتمع وغيرها من الاضطرابات الشخصية التي لا يكون فيها خجل، قد تحمل صفات شريرة أحياناً، هذا لا يعني أن الشخص الخجول أخلاقه أفضل من الشخص غير الخجول.
10. هل تستدعي بعض حالات الخجل إلى تدخل الطبيب النفسي؟ وهل يجدي العلاج؟ وما طبيعة العلاج إن وجد، هل هو علاج سلوكي أم دوائي؟ وإن كان دوائيًا هل هناك فترة لاستخدام الدواء؟
في الواقع إن الخجل لا يصنف طبياً كاضطراب بل كسمة شخصية، ويصنف اضطرابًا إذا تحول لاضطراب رهاب اجتماعي، وهنا يصبح لا بد من العلاج، ويكون العلاج سلوكيًا ودوائيًّا معاً، بكسر حلقة التجنب، وبدء مواجهة المواقف من الصغير إلى الكبير، وتكرار هذه المواجهة، ويقوم الدواء في نفس الوقت بتخفيف الأعراض التي تظهر من احمرار الوجه، والرعشة، و تهدج الصوت، أو خفقان، وفقدان التركيز، وبالتالي يستطيع المريض أن يواجه أكثر فأكثر. والمدة الضرورية للعلاج تتراوح بين سنة إلى بضع سنوات، وذلك اعتماداً على كمية المواجهة التي يقوم بها المريض، وتكرار ذلك ووصوله إلى مرحلة التأقلم والتكيف مع مختلف المواقف الاجتماعية.
11. يقال إن هناك بعض الأزهار والأعشاب تباع على رفوف الصيدليات ومحلات الأعشاب الطبيعية، يمكن تناولها قبل الشروع بأي عمل للمساعدة في الحد من الخوف الناتج عن الخجل؟ ما مدى صحة هذه المعلومة؟ وما هي هذه الأزهار، وهل يمكن تناولها دون استشارة طبية؟
حقيقة الأمر أنه يوجد بعض الأعشاب التي يروج لها أنها تعالج الخوف والقلق والاكتئاب، ولكن لم يثبت فعالية لها ولا أنصح بتناولها، والبعض منها لها تفاعلات دوائية كثيرة مع العديد من الأدوية، وهو أشد خطورة من أي دواء طبي، وكلمة طبيعية تستعمل كثيراً للتخفيف على الناس من أن الدواء شيء غير طبيعي بينما الأعشاب طبيعية، أريد أن أذكر القارئ الكريم أن الحشيش والكوكايين والأفيون هي نباتات طبيعية، وهي أكثر مواد ضارة على صحة البشر.
12. هل تود دكتور وليد أن تضيف أي نصائح؟
نعم أرغب بتوجيه النصيحة للأسرة العربية أن لا تحمي اطفالها ومراهقيها من المواجهة، وتفاجئهم في يوم من الأيام على عمر 16 أو 18 أن عليهم استقبال الضيوف وتقديم القهوة وكل هذا، وهم لم يهيئوه لذلك بالتدريج، مما يجعل هناك حالة من الصعوبة والكارثة التي قد يشعر بها المراهق، كما أن القسوة في التعامل مع الأبناء وإرهابهم بصورة كبيرة يمنع الطفل والمراهق من التحدث لوالده أو والدته، وبالتالي يبرز عنده الخوف بعد الخجل والرهاب، ويتأثر نموه النفسي والعاطفي والسلوكي بصورة واضحة، كما أن الأسرة العربية لا بد ان تنتبه من أن هناك تدرج في الطيف من خجل بسيط إلى خجل شديد إلى رهاب اجتماعي بسيط وإلى رهاب اجتماعي متوسط إلى شديد وشديد جداً، وأن الاسرة لا تكون قادرة على الأغلب على الحكم والتشخيص، ولا بد من الاستعانة بأهل الاختصاص لتقييم ذلك، خصوصاً أنه قد تكون في نفس الأسرة حالات متكررة، فقد يكون الأب أو الأم يعانيان من الرهاب الاجتماعي أو الخجل الشديد وبالتي يحكم على ابنه أنه طبيعي لأنه يعتبر نفسه طبيعي، وهذه الأحكام خاطئة لا تؤدي إلى تربية جيدة متوازنة و توازن نفسي بدرجة معقولة.