حوار مع الدكتور وليد سرحان مستشار الطب النفسي بعمان الأردن حول “الاكتئاب” :
*******
الاكتئاب هو أكثر الأمراض النفسية انتشارا، والمصاب به يفقد الرغبة في الاستمرار بمهامه اليومية، ويفقد متعة الحياة، ويشعر بالحزن الدائم وقد يقبل على الانتحار، للتعرف على هذا المرض عن كثب كان هذا الحوار مع الدكتور وليد سرحان استشاري الطب النفسي في الأردن.
1 – تعريف الاكتئاب :
الاكتئاب هو اضطراب نفسي يعرف بهبوط المزاج بدرجة كافية لتؤثر على حياة الإنسان.
2 – ماهي أعراضه ؟
أعراض الاكتئاب تتراوح في الشدة والمدة، ولكنها تشمل الحزن، اليأس، الملل، فقدان الأمل، عدم الدافعية، عدم الاستمتاع بما كان يستمتع به أصلاً، مصحوب بالآلام الجسدية، قلة في الشهية وضعف في النوم خصوصاً في الصحو المبكر. يشعر المريض بعبثية الحياة ومعاناتها ويتمنى الموت ويفكر بالخلاص من الحياة بكل الطرق، وقد يخطط للانتحار ويحاول وقد ينجح في محاولته مع الأسف. تتراوح شدة الأعراض من بسيط، متوسط إلى شديد. أحياناً تكون الأعراض لا نمطية في الاكتئاب الشتوي فيكون هناك زيادة في شهية الطعام والنوم، وقد يكون الاكتئاب ذهاني عندما يترافق مع هلاوس وتوهمات، كأن يسمع المريض أصواتا تقول له أنه مذنب ويجب أن تموت وقد يرى جنازته أمامه.
3 – ماهي أسباب الاكتئاب وهل يمكن الوقاية منه ؟
اضطراب الاكتئاب له أسباب متعددة، منها وراثية وحياتية، في نمط الحياة وضغوطها المختلفة والتجارب الشخصية مع هذه الضغوط، والذي تعمل معاً لإحداث الاكتئاب، وقد يساهم تعاطي المخدرات والكحول في حدوث الاكتئاب. وتظهر أعراض الاكتئاب عندما تؤدي هذه العوامل إلى خلل في الناقلات العصبية الكيماوية في مراكز الدماغ المسؤولة عن تنظيم المزاج.
والوقاية من الاكتئاب تكون أساسًا بالتوازن في الحياة، والالتزام بالوسطية وعدم التطرف في الأمور، ممارسة الرياضة والنوم المنتظم والطعام المنتظم، كما أن بعض الشخصيات خصوصاً الوسواسية بحاجة للانتباه بأنّ شخصياتهم قد تجرهم للاكتئاب بسبب أسلوبهم في التعامل مع الأمور وتضخيمها، ورغبتهم في الكمال الذي يصعب تحقيقة.
4 – هل يمكن علاج الاكتئاب دون اللجوء للطبيب؟
الاكتئاب البسيط أحيانًا يكون عابراً وينتهي لوحده، لكن اللجوء إلى الطبيب يفضل حتى في الاكتئاب البسيط فقد يتطور إلى متوسط وشديد، مع الأسف كثيرًا ما يصل الناس متأخرين للعلاج، وذلك أن من لديه مشاكل في حياته يعتبر أن اكتئابه هو أمر طبيعي ضمن هذه المشاكل وبالتالي فهو ليس بحاجة لعلاج بل بحاجة لحل المشاكل وهذا خطأ، والذي ليس لديه مشاكل يستنكر أن لديه اكتئاب كون ليس لديه مشاكل وأيضًا يقرر عدم الذهاب إلى الطبيب.!!
5 – متى يلجأ مريض الاكتئاب إلى الطبيب؟
مريض الاكتئاب مثل غيره من الاضطرابات النفسية، ليس بالضرورة أن يعرف المريض أنه يعاني من اكتئاب ويشخص نفسه، بل إن وجود أعراض نفسية وسلوكية تؤثر على حياتة اليومية وأدائه وإنتاجه والتزامة بالعمل أو الدراسة والعلاقات الاجتماعية هي كافية للإنسان أن يطلب مساعدة، الطبيب يقوم بدوره بتشخيص المرض وتحديد خطة العلاج.
6 – هل هناك علاج للاكتئاب وما نوعه؟
هناك علاج ناجع وفعال ، والاكتئاب برغم قسوته إلا أنه مرض قابل للشفاء، ويعالج بالعلاج النفسي وتحديداً العلاج المعرفي السلوكي وبالعلاج الدوائي، وفي أحيان قد يتطلب الأمر العلاج بالحث بالرنين المغناطيسي أو بالعلاج الكهربائي.
7 – هل يمكن العلاج التام من الاكتئاب ؟
نعم يمكن العلاج التام من الاكتئاب والشفاء في معظم الحالات، ويبقى هناك فئة بسيطة قد يكون لديهم اكتئاب معند لا يتجاوب مع العلاج، وله تدبير مختلف من قبل الأطباء الخبراء يمكن أن ينهيه، ومن الشائع أن يكون الاكئتاب متكرر، معنى ذلك أن الاكتئاب يعود بعد سنة أو سنتين من انتهاء النوبة، واحتمال التكرار في حياة المريض بعد النوبة الأولى للاكتئاب هي 50% ، وبعد النوبة الثانية هي 75% ، وبعد النوبة الثالثة قد تصل الى 95% . لذلك إن من تكرر لدية الاكتئاب ثلاث مرات أو أكثر يكون بحاجة للعلاج الدائم لمنع التكرار.
8 – هل من الممكن الإدمان على الادوية المستخدمة لعلاج الاكتئاب ؟
لا هذا غير ممكن لأن مضادات الاكتئاب هي أدوية نوعية لا تعطي الإنسان مشاعر تجعل الإنسان يسيء استعمالها، فهي ممكن تشبيهها بالمضاد الحيوي الذي يقوم بفعله ومهما طالت المدة يمكن أن يكون الاستخدام طويلا ولكن هذا لا يعني أي درجة من الإدمان.
9 – ما هي مضاعافات الاكتئاب ؟
مضاعافات الاكتئاب عديدة منها على المستوى الشخصي أن الإنسان يفقد عمله أو يتعثر في دراسته أو تجارته وهذا يؤثر عليه مادياً ومعنوياً ويؤثر على مكانته في المجتمع، ويمكن أن يؤدي الاكتئاب على سبيل المثال عند المرأة لاتهامها أنها كسولة ولا تقوم بواجباتها وقد يحدث الطلاق بناء على ذلك. أما المضاعفات غير الواضحة للناس أن الاكتئاب غير المعالج يزيد من احتمال الجلطات القلبية ويؤدي لعدم انضباط الأمراض المزمنة كالضغط والسكري. ومن أسوأ المضاعفات هو محاولات الانتحار، والانتحار الذي يشكل فيه الاكتئاب سبب لثلاثة أرباع المنتحرين.
10 – هل تلعب الوراثة دورها في هذا المرض ؟
بالتأكيد للوراثة دور مهم في اضطراب الاكتئاب، وهذا الدور يمكن ملاحظته في تكرار الحالة الواحدة في أكثر من فرد، كما أثبتت الدراسات على التوائم المتشابهة وغير المتشابهة، وفي دراسات التبني التي تؤكد وجود دور مهم للعامل الوراثي، وقد تتلاقى وراثة الاكتئاب مع غيرها من الاضطرابات النفسية مثل إدمان الكحول أو اضطراب ثنائي القطب.
11 – ما هي الفئة الأكثر تعرضاً للاكتئاب ؟
الاكتئاب يصيب كل الأعمار من الطفولة للمراهقة إلى الشباب والشيوخ وله ذروات لحدوثه، في العشرينات ثم الخمسينات والستينات، ويصيب الإناث أكثر من الذكور، وهناك بعض أنواع الاكتئاب المختصة بالإناث مثل اكتئاب النفاس وتكدر مزاج ما قبل الدورة الشهرية .
أودّ التنبيه بأن الاكتئاب واسع الانتشار ويؤثر على ما يصل إلى 7% من البشر، وترتفع معدلات الإصابة بين من يعانون من أمراض عضوية أخرى أو من تعاطوا المؤثرات العقلية والكحول والمخدرات المختلفة، وقد يصل في بعض الحالات إلى 30% مثل المصابين بالسرطان أو مرض باركنسون ويتضاعف حدوثه في مرضى السكري ومرضى السكتات الدماغية والجلطات القلبية.