حوارٌ في القبرِ – محمود مفلح

0
61

 


ها قد أتيتُكَ جسمًا ناحلًا هرِما
يا دودُ كُلني.. ولكنْ لاتكنْ نهِما. !!

يا دودُ.. هلْ تدركنْ ما أنتَ فاعلُه
حتى تُغيرَ على جسمي وتلتهِما ؟

يا دود.. أعلمُ أنّي صرْتُ في جدثٍ
وأنّ من حوليَ الأجداثَ والرّمما

وأنّني بتُّ هذا اليومَ مضْطجعًا
فلا أحسُّ بمنْ قد راحَ أو قدما !

ولا أقولُ لجاري طبْتَ يا سندي
ولا أقدّمُ كوبَ الشّاي مبتسِما

ولن أرتّبَ بعدَ اليومِ مكتبتي
ولن أجادلَ خصمًا أدمنَ الصّمما !!

ولن أعيدَ كلامًا كانَ يسحرُني
ولا قصيدةَ عشقٍ أورقَتْ نغما

وأنتَ تنهشُ في كفّي وفي قدمي
هل كنتَ تعرفُ تلكَ الكفَّ والقدما ؟

يا دودُ.. لا تعجلنْ في نخرِ جمجمتي
اني حفظْتُ بها الآدابَ والقيما

لا تعجلنّ على ما جئْتَ تطلبُه
وكنْ رفيقًا عفيفَ النّفسِ محتشما

أدري بأنّكَ تنسى أنّني بشرٌ
وأنّني كنْتُ قلبًا نابضًا وفما

وأنّني كنْتُ مثلَ النّجمِ مؤتلقًا
وكنْتُ بالحبِّ والأشواقِ مزدحما

وكانَ لي بينَ أهلِ الفضلِ منزلةٌ
وما شكوْتُ لهمْ همًّا ولا هرما

إنْ كانَ هذا مصيرَ الناسِ كلّهِم
فهل يروقُ لكمْ عيشٌ وإنْ نعما؟
وهل نفكّرُ بعدَ اليومِ في لغةٍ
أخرى ونكسرُ في أعماقِنا الصّنما؟

وهل نغيّرُ بعدَ اليومِ جدولَنا
حتى نعودَ.. فلا إثمًا ولا ندما

 

*أليس من حق هذا النص أن نتأمله جيدا في زمن الكورونا؟

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here