“جُرحُهُ اليمامة” :
في قريته البائسة
كانوا يطالبونه بالفرح
خِلسةً يغتصبون وجهه
يسرقون فمه ويستبدلونه
بجرح
الصحاب وثلاثة أبواب
باب البيت وباب الجامع
وباب الوحشة بين بكاء
الناي ولُفافة تبغِِ ولفافة
شاي
كان يجلس طول عمره في وقت قصير
بين المغرب والعشاء يعاتب في
قسوة ورجاء
في قريته البائسة
يلوذ بالكتابة حين يأتون على قصعته
يضحكون بأنْ مسحوا أيديهم في جلبابه
كانت أرحم من فرحهم الكآبة
يعتذرُ بآهةِِ للغلابة
إذا فرحةٌ دونهم تنتابه
حين يبحث عن وليفِِ لليمامة
يروي أسراب الحمام
ذلك جُرحه يُضمّد في عيون الريح
جرحاً يمُرُّ ولا غير مُرّهِ
وعلا فلا ميل العِذاب حلا فاستماله
ولا خلا من طعنة فوق احتماله
كَوسعِهِ جُرحُه حين يبحث عن وليفِِ
لليمامة جُرحه
وأقسى من الجُرح آثار التئامه
كان في قريته البائسة
يكتب جانب النيل قصيدته
الأخيرة
فتوقّف لحظة يسيرة
خطَّ على قصيدته خطين
ونقش اسمه مرتين
ومزقها نصفين
وألقى بنصفها في النيل ونصفها الثاني
علّقه في عرجون نخلة
فتفكّر ثم تخيّر نسله
لكن يلزم ذلك أنْ يتحّسن دخله
يكتشف الحامل همّ الكُل بأنّ عنايته
لا تُطعمُ سخلة
فيُقرر أنْ يمكث في قريته وحتى تحضن
تُربتها جؤجؤهُ لا بُد وأنْ يرتاد النخلة