احتار عاملوا المشرحة، في أمرها، أخرجوها من البراد (الثلاجة) مثل كل ليلة، وضعوها على طبلة التشريح، أطالوا النظر فيها، جثة باردة هامدة لا اسم لها، لا هوية، لا عنوان، ليس لها أهل، أو صاحب .
هي أقدم جثة في المشرحة، تحمل آثار رصاصتين، واحدة في الرأس والثانية في القلب.
اختلفوا في سبب قتل صاحبها. أطلقوا لخيالهم العنان. أحدهم افترض أنها جريمة عاطفية، والآخر توقع أنها جريمة من أجل السرقة، والثالث ظنها نتيجة لثأرٍ عشائري. أكد رابعهم أنها قتل على الهوية الطائفية .
أدلى الكل بدلوه ودافع كل منهم عن نظريته، أصغوا للكل ولم يصغوا للجثة، جثتي أنا.
كنت أود أن أخبرهم باسمي، وعنوان أهلي، وسبب مقتلي. أحببت أن أخبرهم أنني مللت من حديثهم ونظرياتهم عني كل ليلة، وأني قد سئمت برادهم (ثلاجتهم). وددت أن أخبرهم أن ما يهمني هو الإسراع في دفني، فقد اشتاقت جثتي لأن تعود لأصلها
حيث التربة والطين. لكنهم كانوا أسرع مني، أعادوني إلى البراد (الثلاجة) ثانية، وكلي أمل، في أن أتمكن من إخبارهم الليلة القادمة بما يجول في خاطري.