“تحدّي أسيل قصة الأطفال الّتي تتحدّى التنمّر” :
“تحدّي أسيل” قصّة للأطفال من تأليف الكاتبة منصورة محمد التميمي، ومن رسومات منار نعيرات. صدرت عن دار العماد للنّشر والتّوزيع في الخليل، تقع القصّة في 34 صفحة من الحجم المتوسّط.
القصّة تتحدث عن فتاة في الصف الثالث الابتدائي تدعى أسيل، بداية القصة تبين لنا أن أسيل لا تحبّ الذّهاب إلى المدرسة كما لا تحب اللعب مع زملائها، وهي بداية تشد الطفل وتشوقه لمعرفة السبب.
تسأل الأم أسيل عن السبب، فتخبرها أن ذلك يعود إلى التنمّر الّذي تتعرض له من قبل زملائها في المدرسة بسبب عدم نطقها للكلام بشكل سليم.
القصة تربوية وتعليمية، وهي تتعرض إلى عدة أمور مهمة.
منها بعض المشاكل الصحية الّتي قد تكون ملازمة للأطفال والّتي يجب على الأمهات والآباء الانتباه لها، كما هو الحال في حالة أسيل التي تعاني من اللثغ، حاولت الأم التدخل وإيجاد الحل المناسب بأخذ ابنتها إلى الطبيب حتى تتخلص من المشكلة الّتي تعاني منها، لكني أتساءل ألم يكن من الواجب أن تتنبه الأم إلى ابنتها قبل أن تتعرض للتنمّر؟ لقد أخطأت الأم في تأخرها بإرسال ابنتها للطبيب لعلاج مشكلتها، إذ كان بالإمكان تجنب ما تعرضت له أسيل من أذى لو تم علاجها مبكرًّا.
تناولت القصة أيضا ظاهرة التنمّر الّتي يتعرض لها الأطفال في المدارس، وهي من القضايا المهمة الّتي يجب أخذها بعين الاعتبار من قبل التربويين وطاقم المدرسة من معلمين ومدراء ومشرفين. ظاهرة التنمّر معروفة منذ الأزل، لكنها ازدادت توسّعًا بسبب الانفجار الإلكتروني، وبات هناك ما يعرف بالتنمّر الإلكتروني، وهو ظاهرة اجتماعية سيئة، على المختصين التنبه لها ومحاولة علاجها لما لها من أثر مؤلم على نفسية الطّفل، قد يمتد ويرافق سنين حياته، فالتنمّر يترك ندبات في الروح من الصعب لأمها.
لقد استطاعت الأم أن تخلص ابنتها من المشكلة الّتي تعانيها، حيث أخذتها إلى الطبيب النفسي المختص لعلاج المشكلة الّتي لديها، وهي مشكلة اللثغ، لكن للأسف لم يتم التعرض لعلاج مشكلة التنمّر الّتي سببت الأذى لأسيل أكثر من اللثغ نفسه، إذ لم يتقبل الأطفال أسيل إلا بعد علاجها وقد قاموا بالاعتذار لها بعد ذلك، ماذا لو كانت إعاقة أسيل دائمة ولا يتم علاجها؟! هل سيبقى الوضع على حاله، المفروض أن يتم إرشاد الطلاب أن يتقبلوا الآخر وأن يتم التعرض إلى ظاهرة التنمّر ومحاولة إيجاد الحلول لها. ولعل ما منع الكاتبة من الإسهاب في ذلك أن القصة لا تحتمل أكثر مما أثير فيها، لهذا يا حبذا لو جاءت في عدة أجزاء لتشمل الرسائل الهادفة الّتي تحملها.
القصة هادفة ومهمة تربويّا، فهي بمثابة جرس تنبيه للأمهات والآباء على الحرص على أبنائهم ومعالجتهم، والتنبه على ظاهرة التنمّر الّتي يتعرض لها الأطفال والّتي يمكنها أن تحجبهم عن المشاركة في الحياة العادية.
وكما دومًا، نتمنى أن تعرض كل قصة قبل نشرها على مختص تربوي ونفسي حتى يتم دراسة تأثيرها الإدراكي والنفسي على الطفل.
لغة القصة جيدة، ويوجد بها كلمات تزيد من ثراء المعجم اللغوي لدى الطفل، وقد اعتنت الكاتبة بالتشكيل الّذي يعتبر من أهم الأمور الّتي يجب الاهتمام بها لتعوِّد القارئ على التنبه للفظ السليم للمفردات حسب موقعها النحوي من العبارة، لكن ورد بعض الأخطاء المطبعية في القصة خاصة المتعلقة بحركات الشدة، ويا حبذا لو كان هناك مدققون للغة في دور النشر؛ لتلافي مثل هذه الأخطاء الّتي قد تسقط سهوًا.
برعت ريشة الفنانة منار نعيرات في إتقان الرسومات المرافقة للقصة، وكانت مناسبة جدّا للأحداث كما كانت ألوانها مبهجة تشد عين الطفل.