انتظرتُ كثيراً
حتى ذبلت على شرفتي الابتسامات..
وخَفُتَ في حنجرتي الصوت
عيناي المعلقتان على ساعة يدي
العقارب التي تهشم
أثناء دورانها الموسمي معصمي دون شعورها بالذنب
شهدت حروبا كثيرة
رأيت المغول يجتاحون بغداد
شهدت مقاومة حصونها الشرقية
فرشت أحزاني على دجلة وبكيت بكيت كأرملة حزينة
حتى جفت عيوني
وما زلت على دجلة أنتظر
وأقول للزمن لا تمشِ
كيف لنا أن نلحقك
بعد أن أكلت الحرب أقدامنا
انتظرت رسولا من الله
أردت أن نرتشف القهوة سويا
ألا نكون دبلوماسيين في حديثنا
ألا نكون ساذجين في وداعنا
تلبّسني جني الوصول المتأخر
وارتديت رداء الكرسي الضجر
غنيت أغنية الذئب قبل أن يهجم على ليلى
ثم انتظرت
فأصبح العالم ضوء باهتاً
وأصبحت محطة قطار
أصبح الآخرون يمرون من خلالي
دون أن يروني دون أن يودعوني، وبالطبع دون أن يستقبلوني
انتظرت كشمعة وما بقي مني إلا بخار الوقت وضجيج المسافات
طوتني الطرقات كجريدة مرمية على طاولة المقهى في زاوية الشارع
ونسيتني النادلة في ذلك اليوم الشتوي البارد
استثناني الركاب من رحلاتهم
وحذفني السائقون من خرائطهم
أجنحتي التي طالما لجأت إليها في نزواتي
الوطن الذي طالما حلمت به
الوظيفة الجميلة والمنزل
كلها كانت محض انتظارات
انتظرت مع الطفلة عند باب المدرسة
انتظرت والدها الذي لم يأتِ
تساءلت نفس تساؤلاتها
شربت من علبة عصيرها
وبقيت أنتظر عند باب المدرسة
فجاء والدها مسرعا، أخذها دون أن يراني
انتظرت مع جارتنا في البيت المجاور
أن يأتي ابنها
خلعنا أحذية شكوكنا
وجلسنا حافيتين أمام باب المنزل تحدثنا مطولا، وانتظرنا
عاد ابنها من الحرب منتصراً فانشغلوا بالتهليل
بينما كنت أنا المهزومة في كل انتظاراتي
المنتظرة في كل هزائمي
المتأرجحة بحتمية اللقاءات
المعلقة كإشارة الاستفهام في آخر كل سؤال..
انتظرت السعادة
ارتديت أبهى ما عندي
لبست كعب التجليات
وأقراط الحقائق المخفية
تركت الريبة وهزائمي على المنضدة
وقررت أن أومن بحقيقة واحدة وانتظار واحد
تزينت كأميرة في ليلة تتويجها
وفي وقت متأخر على شطآن الرحيل
أخبرني رجل الملاحة
أني ضللت الطريق
أن هذه الجزيرة لم تكن يوما ملجأ، لا يوجد فيها مرفأ ولا تحط فيها الطيور
وبعد هنيهة أيقظتني مضيفة الطيران في المطار
فأدركت أن كل الذي مضى كان كابوسا
أخذت تنهيدة طويلة
وقبل أن أسألها كم الساعة
قالت لي لا تهلعي سيدتي
لقت فاتك موعد رحلتنا السابقة
هلا انتظرت التالية!