النهد يرفع لي راياته الحَمرا
كأنها صحف قد أُثخنتْ خمرا
يغري فمي بكؤوس لست أشربها
إلا لديه لكي أنسى به السكرا
عشقت مِن قبله في غفلتي أمما
ظننتها وطنا يستوطن الصدرا
فإذ بها “سيلكوناً” وجهُهُ دجلٌ
يؤوّل الرشف لكن يَكْذِبُ الثغرا
في كهف ثلجي قَدَحْتُ النار فالتهبت
من بردها ناهدٌ تستجلب الحَرّا
وليس تدري بأن الحر صنعتها
إن هدهدتهُ نما في ضلعها عُشْرا
إن ألقمتني احتسيتُ الدفء مثل صبا
أحن فيه إلى عطف وما درّا
فمكمن الحب شيء أن ألوذ به
ومكمن العشق نهد يَقلِبُ العمرا
تمرد الآن لما أن رأى خجلي
وأينعت حلمة قد أينعت كبرا
فصيحة البوح والإغراء تهتف بي
أن أُخلِف الستر لما زادها عسرا
ضاقت من القيد، طعمُ القيد بللها
في بُعدها قربت تستنكف الأسرا
صدريتي عقّتِ التنهيد ما انبلجت
ليلا وما خجلت في ساعةٍ فجرا
يداك سِفر خلاصي نبشُ ذاكرتي
تأويل رؤياي، طير أطعم الطيرا
تجر مأدبة الرعْشاتِ حالمة
إلى نزيف هوى قد خمّن السِّرّا
يكفُّها يقظة تسري معالمها
بلمسة صنعتْ ما أعجز الشعرا
سدت غواية ما ولى مناصفة
بين النجاة وسطر أغرق البحرا
وطوق همس إلى ما دون مسمعها
تزفه نشوة تلقى بها النهرا
توسدت نبضتي تغفي حضارتها
في جرعة الآه تتلو جرعة أخرى
حتى غدا النهد مرآتي التي عكستْ
لثغ اشتهائي وثغرا جاوز الثغرا
نهد معالمه أنثى مضمخة
بكل كلي على إيلائه عصرا !