استطلاع للرأي أجرته مؤسسة ليكونوميست المغربية كشف أن 88 في المائة من المغاربة ضد الجنس خارج الزواج، مقابل 9 في المائة كانوا يؤيدون ذلك.
معنى هذا أن 88 % هم معارضو الحريات الفردية و9% هم دعاة الحريات الفردية، أي أن القضية قضية أقلية حادة.
الموضوع ليس بحاجة إلى استطلاع أصلا، لكن الأرقام تدل على واقع الحال.
هذا الكلام قلناه في غير مناسبة وأكثر من مرة. دعاة هذه الحريات المقلوبة يقولون إن المجتمع المغربي تغير وهناك تحولات جذرية في منظومة القيم. الاستطلاع كشف العكس.
لكن.
هناك خلط بين السلوك الاجتماعي وبين منظومة القيم، وهذا ما لا يفهمه أصحابنا. السلوكات الاجتماعية قد تتغير لكن منظومة القيم تظل هي هي. تجد أشخاصا لا يصومون لكن لا يتساهلون في المس بالدين. هناك أشخاص يشربون الكحول ويفعلون كل شيء لكنهم في الانتخابات يصوتون مع الإسلاميين. هناك أشخاص يدخنون ويشربون لكنهم ينصحون أباءهم بعدم فعل ذلك لأنه انحراف. هناك شبان يعقدون علاقات لكنهم عند الزواج يقصدون البيوت النظيفة لأنهم يريدون تكوين أسرة. مفهوم الأسرة هنا مرتبط بالحصانة والأخلاق والعفة.
السلوكات الاجتماعية المنحرفة لا تعني بالضرورة انحرافا على مستوى الوعي بالقيم. الدليل على هذا أن الغالبية العظمى من المغاربة الذين يسقطون في هذه السلوكات يستمرون فيها لفترة محدودة فقط، وذات يوم تجد على لسانه كلمة التوبة، يقول لك: عفا الله. هذا يعني أنه كان يمارس ذلك السلوك وهو واع بأنه انحراف، انحرف سلوكه لكن شبكة القيم ظلت مستقرة. لو كان مقتنعا بتلك القيم فعلا وبما يسمى الحداثة القيمية لبقي على تلك السلوكيات حتى القبر. أعرف يساريين وماركسيين حصل لهم نفس الشيء، استيقظت ضمائرهم وعادوا إلى أصلهم.
لا يعني هذا معارضة الحريات الفردية، لا وألف لا. لكن الحرية مسؤولية يمارسها العقلاء الذين يحترمون أنفسهم. لا يجب أن نعطي صورة سلبية عنا كدعاة للحريات الفردية، الحريات التي تجعل الآخرين ينظرون إلي كإنسان هابط وبدون احترام لا تستحق أن تمارس. مارس حريتك وكن صاحب قيم.. مدنية.