القصيدة الكنوفية – أحمد حضراوي

0
849

إلى الشاعر محمد كنوف الذي غاب وأحزننا غيابه:

الغائبون بخلوة الكلماتِ

صمت يسيل خريره بلغاتِ

ملح يذوب على الرقائق، جلده

وطن يمر بغفلة الموجاتِ

طال الغيابُ فهل لرتقة حزننا

فأس تؤسس رجة الرجاتِ؟!

الصحبة الأولى ووجه قصيدة

سألت مريد الشعر عن أبياتِ

خلعت مآزر معجمَيْها واعتلت

ريح الصبابة من جميع جهاتِ

لغة الرحيل إلى ضباب آخر

في آخر المعنى بلا فرشاةِ

ماذا تبقى بعد من ألوانه

إلا رماد فاغر اللمساتِ؟!

كان الصقيع يجر في أذياله

بعض الغواية تثقل الخطوات

والشعر قافلة تخوض غماره

لتفك لغز بياضه بنجاة

تبقى العبارة لعبة مجنونة

مَن خطها بالحبر عاد بذاتِ

أوراقك الوطن الذي يُنفى إلى

زمن الغبار وهدأة الجسّاتِ

مكلومة عبراته وصفاته

معدودة دقاته كصلاة

من أي حرف قد عدَدْتَ جماله

إلا وخالا كان في الوجناتِ

لم يبق للنعناع من عبق ولا

لكهولة الصفصاف ريح نباتِ

لم تبق للحطاب غابة فستق

ليعتق الشجرات بالشجراتِ

قد طار ملح جبينه كفراشة

فرت من الأمطار للغيماتِ

من ضلعها المكسور تصنع نايها

أغنيّة التأويل كالعبراتِ

مذ رممت نهر السجية واختفت

في تيهه محكيةُ الجدّاتِ

عكازه أمل التراب وكبوة

كانت بباب قيامة الطرقاتِ

من أين يُبعث للقصيدة صوتها

إن غاب حبر كناية ودواةِ؟

قد جف ماء الشعر حين هجرتَهُ

فابعث ينابيع الصفا المسداةِ

نقّطْ حروفك، قشِّرِ اللغة التي

بليت دفاترها بلعنة عاتِه

محرابك الحب العتيق وركعة

في ركنه متبتلَ الركعاتِ

سبِّح جلال الله في عين المها

سبحان من قد ساجها بصفاتِ

هي نصفك المبتور منك بجنة

ودليلك الموعود للجناتِ !

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here