منذ أن سجل حراك الريف نفسه كقضية وطنية بحمولة اجتماعية، اقتصادية، ثقافية وسياسية، أصبح العبث من أشد المتربصين وأشد “كفرا” به كحراك اجتماعي وضع اليد على مكمن الداء وكقضية نالت كل التضامن وطنيا ودوليا، ولا يلبث قول وفعل العبث حتى يظهر بين الفينة والأخرى معلنا عن تمظهرات يخجل منها الجبين قبل العامة من العقلاء ومناصري منطق القضية ومن يسعى في إصلاح البلاد والعباد.
العبث الذي جعله البعض عنوانا يعيد إلى الأذهان اللعب على أوتار الانفصال، بعد أن أقدمت أيادي ملوثة بوحل العبث بفعل لا يمثل إلا من قام به، سواء على المستوى الفردي أو الإديولوجي وذلك في مسيرة الذكرى الثالثة للشهيد محسن فكري “سماك الحسيمة” بباريس يوم السبت 26 أكتوبر 2019. العبث ذاته الذي جعل من هذه الصورة صورة كاملة الأوصاف للانفصال الريفي والفعل الشنيع للريفيين، كأنه مشهد من مشاهد مسرحية العبث وجولة من جولات العبثيين .
قضية حراك الريف ومعتقليها جزء من الوطن وأجزاء من التاريخ المغربي، وهي قضية تقوم على نقد موضوعي ديموقراطي وحداثي يناشد بمبادئ تنموية كل الجهات المسؤولة ومعاناة الريف كمعاناة باقي مناطق المغرب المنسي، ولا يسعنا إلا أن نذكر بالمسيرات على طول سبعة أشهر والتي تجيب بمنطق السلمية عن كل نوع من العبثية حتى وهي تلبس لباس الرسمية، وإن كان لهذا العبث عنوان بارز وأهمية لهذه الدرجة في الفعل وما خلفه من ردود، فإننا نقول بصوت عال وبكل فخر واعتزاز، العبث ليس ريفيا أيها السادة ..!!