رئيس مجلة – الديوان – يتحدث عن مفهومي: الإقصاء والتكامل، الأول منهما له جذور حية وعميقة في ثقافتنا العربية، والثاني أراد مبدعنا أن يفعله في حياتنا الثقافية المعاصرة من خلال حديثه الشيق في المقابلة -على راديو أرابيل- التي كان فيها صريحا وشجاعا إلى الدرجة التي اعترف فيها بأنه عانى من الإقصاء منذ طفولته وحتى أصبح رئيس المجلة. معاناة مبدع لم يستسلم، وعندما نقول مبدع فهذا يعني أنه لم ينسج على منوال الآخرين، ولهذا السبب بالذات أقصي، وكثيرين مثله. وها هو الآن يثبت إبداعه من خلال عمله في المجلة، فقد قرب إليه من أقصوه سابقا ونشر لهم قبل أن ينشر إبداعاته هو.
مبدعنا هذا تفتق ذهنه عن طريقة يتخلص بها من عادة متحكمة في الكثيرين منا من قمة المجتمع حتى البسطاء. هي عادة إقصاء الذات كما إقصاء الآخرين. إقصاء الذات لعدة أسباب ومنها المعاناة من إقصاء الآخرين، ومنها غير ذلك. لم يختر مفهوم التقريب أو الاجتباء، لا بل اختار مفهوم التكامل إيمانا منه بأن المجتمع أو المؤسسة أو الأسرة أو أي تشكيل آخر إن هو إلا صورة كاملة متناغمة في تكوينها، وأن الفرد جزء منها، فكأنما الصورة الكلية مجموعة قطع -البزل- لكل من هذه القطع أهميتها ومكانها الذي لا ولن يصح أن يحل غيرها فيه كي تكتمل الصورة. فهذا يكتب الشعر وذاك يكتب القصة وهذه ترسم وتلك تختلق ما لم يسبقها إليه غيرها وهكذا..
وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على ذكاء عام وذكاء عاطفي -من مبدعنا- يهديه إلى طرق التعامل مع الذات والآخرين -فما تقدمه للغير أيا يكن ينعكس عليك- وهو بعد دلالة على فطرة سليمة لا بد منها لكل مبدع خلاق، فمن يرى أن التكامل لا الصراع هي حقيقة التعامل بين البشر لهو الإنسان الحقيقي الذي يصدر عن قيم ثرية تؤدي إلى التعاون لا التنافر والعداء. مزيدا من التقدم أيها المبدع المعطاء وأرجوه لك ولمجلتك وملتقاك الثقافي، المقهى الأدبي في بروكسل.