Home Slider site الدورة الواحدة والأربعون من المقهى الأدبي الأوروعربي، محاضرة للأستاذ يوسف الهواري عن...
شهدت الدورة الحادية والأربعون من المقهى الأورو-عربي في بروكسيل محاضرة للشاعر المغربي المقيم في هولندا يوسف الهواري، عن الطفل العربي عامة والمغربي خاصة ومخاطر التنشئة ومشاكلها في البيئة الجديدة، حيث يترعرع في تربة جديدة، لم يتزود المهاجر العربي بالأدوات الكافية لمواجهة السيل الجارف للمجتمع الجديد فيها، وفي ظل التراخي الأسري والحكوماتي المحلي أو الخارجي، كان الطفل هو الضحية. فهو يعيش في تربتين مختلفتين في الوقت ذاته، تربة الأسرة -الأب والأم- التي تمثل الجيل الأول والثاني والذي تزود بالماضي والثقافة والأفكار والتاريخ الخاصين بالبلدان التي انحدرت منها، وتربة المجتمع الجديد بعاداته وقِيمه وثقافته الخاصة، يجد الطفل نفسه موزعا ما بين الأسرة والشارع والمدرسة، والحياة فيما بعد، والنتائج تكون أجيالا ضائعة ومشتتة، بلا أي مرجعيات ثقافية أو اجتماعية أو تاريخية أو هوياتية. ويضيف الهواري على كلامه إحصائية لسجون الأحداث في أوروبا بأن أكثر من 85% من هؤلاء هم من المهاجرين، كل هذا يشير إلى بوادر كارثة تجعل من أطفال اليوم، فريسة سهلة مستقبلا، سواء للانحلال الأخلاقي أو الاجتماعي أو التطرف، ويؤكد إن كنا اليوم مطمئنين على مستقبلنا فماذا عن مستقبل أبنائنا!؟ فسنحاسب على كل لحظة فرطنا فيها في التكاسل والتسويف في تنشئة أطفالنا والتهاون في تبليغ رسالة الهوية، وهنا يوزع المسؤولية على الأُسر- آباء هؤلاء الأطفال والمؤسسات الحكومية-. ويضيف أن مؤسسة المسجد التي تمثل المكان الوحيد الذي يجتمع فيه المهاجر المسلم، العربي المغربي اليوم، قد فقدت الدور الذي يجب أن تأخذه كما هو متفرض فيها في دعم الطفل، وتزويده وتعليمه والضخ فيه القيم والهوية واللغة والثقافة. وتتفاقم هذه المشكلة حين تتصادم الاتجاهات الفكرية والثقافية المهاجرة مع الاتجاهات الفكرية والثقافية الأوروبية، مما يجعل هناك حدودا ما بين الاتجاهين. كما أشار إلى أن ضعف برامج الاندماج زاد الأمر سوءا.
وفي خضم هذه المعمعة التي تطحن أطفالنا في المهجر، يبقى السؤال بعد تشخيص العلّة والمرض: ما هو الحل للخروج من هذه المحنة والبحر المظلم المتلاطم الأمواج الذي يحيط بأبنائنا وبناتنا؟ يُجيب الهواري، أن الأمر يحتاج إلى تكافل وتكاتف الجميع ابتداء من دولنا الأم من خلال اللقاءات والاجتماعات من طرف علماء الاجتماع وخبراء التربية من أجل إيجاد حل، ودعم الطفل تربويا وفكريا من خلال برامج تضمن تزويدهم بكل ما يحتاجونه ويُثبت فيهم القيم والأخلاق والأفكار، وتنشئتهم تنشئة صحيحة تجعلهم في مأمن من أي انحرافات مستقبلية، وكذلك دعوة الآباء إلى التكافل والتعاون وخلق نوادٍ ثقافية للأطفال العرب والمغاربة، وكذلك أن تأخذ المساجد و الجوامع دورها التربوي وتقوم بتحمل مسؤوليتها الاجتماعية والدينية، وتتظافر الجهود بين الجميع للخروج بنتيجة تكفل مستقبل آمن لأطفالنا. وكل هذه الجهود والمؤسسات عليها أن تعرف ماذا تريد من الآخر وكيف يُمكن أن توثق أواصر معه وتقويها، وتترك أثر خلفها يُعبر عن قيمها وأخلاقياتها وإنجازاتها.
شهد القسم الآخر من المقهى الأدبي أمسيّة شعرية، بحيث كان فارسا منبر المقهى الأورو-عربي هذه المرة هما: الشاعر المغربي عبد الناصر القادم من المغرب وتحديدا مدينة مكناس، والشاعر البلجيكي جون كلود كروميلينك، واللذان شنّفا مسامع الحضور بقصائد عشق وغرام ورحلة فلسفية في آفاق الشعر والروح البشرية. ويقول الهواري معلقا على قصائدهما، بأنهما شاعران التقت روحاهما في فضاء واحد، وأكدا بشعرهما أن الشعر لا يخرج إلا من روح بشرية غير اعتيادية. وبهذه الروح استطاعا أن يلامسا بكلماتهما نفوس الآخرين ويضخا في عروقهم الأحاسيس المفعمة بالحب والعاطفة ونقاء الوجدان. وضيف المقهى الثالث هو الشاعر السوري الذي ألقى قصائد نبطية، أبى فيها إلا أن يتبع خطى سابقيه في العشق والغرام ومناجاة الحبيبة التي تبدو كالشمس قريبة المرأى بعيدة المنال، إضافة إلى قراءات باقي شعراء وكتاب المقهى المعروفين.
صاحب الشعراء في قراءاتهم عازف العود الفلسطيني علاء شكلية، ورافق الفنانة سميرة غرابي في مقاطع غنائية.