الحرية في أسمى معانيها
*************
الحرية.. تلكم هي الحياة الحقيقة التي اعترفت بها الشريعة منذ أكثر من أربعة عشر قرنا، ومازالت تنادي بها في كثير من مجالات الحياة وشتى نواحيها، شريطة أن لا تتجاوز حدودها التي وضعتها الشريعة الإسلامية : {وتلك حدود الله ومن يتعدّ حدود الله فقد ظلم نفسه} الآية، بل الإنسان عندما ينطق بالشهادتين يتحرّر من جميع الطواغيت والأغلال والتقاليد، ويلج في سعة رحاب الإسلام الرحبة والمترامية الأطراف متباعدة الحدود : {أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها} الآية، بينما الذي يعتنق ديانات أخرى أو الذي يبغي مذاهب غير الإسلام يجد نفسه حرجا كأنما يصّعّد في السماء، أو كأنه طير أسر في قفص ولا يدري متى سيفكّ قيده، أو كرجل زج في السجن ويقبع وراء قضبان حديدية، خائفا ذليلا مطرودا لا يدري متى ستنزل زخات الحرية ببره، أو تنير شمسها بعد ظلمة سماه، أو الماء الذي لا يسيل إلا في أطراف من البئر، أو كالسمكة التي تجهل ما يجري من الأحداث وراء الحوض، الذي تسبح فيه غير ناظرة إناه، أو كدلو معلق لا منفعة منه إلا في حين يروم الناس جلب الماء من قعر البئر، ثم لا يلبثوا أن يتركوه، أو أو أو …. وهلم شرا..
ويقول الدكتور محمد عمارة في كتابه: “مفهوم الحرية في مذاهب الإسلاميين” : العبودية والاستبداد موت، والعتق والحرية حياة، وفي الإسلام الحرية تعادل “الحياة”.
وعطفا على ذلك فنحن نسمع ونرى ونشاهد ونلاحظ في أوساط الناس، وعامة مجالاتهم، منظمات ولجانا تشكّل من قبل الغرب وإسرائيل، قاصدة ديار المسلمين، لتنفث سمها الزعاف الضار في بدن الأمة الإسلامية، وإذ ينادون عبر وسائل إعلامهم العنكبوتي، أن لا مناص من حرية تامة يحياها الناس سواسية في مجتمعاتهم الدينية، سواء كان ذلك في أسواقهم، أو جامعاتهم، وبالأخص في حرم أماكن دراستهم، شريطة أن لا يكون ثمة فرق بين الرجل والمرأة؛ فيجوز أن يبلغ الاختلاط مداه حيث لا ضير أن يجالس الحبيب محبوبته على قارعة الطريق وأيديهم متشابكة ، بل قد يلثم فاها دونما إحراج! وإن قابلهم أحد المارة مستهجنا ما هم فيه سخروا منه قائلين إنه زمن الحرية يا صاح ، حيث نؤمن بالحب الذي لا يقدر أي رجل على قطع حباله، بربكم أية حرية هذه؟ لهفي وحسرتي على سفاسف العقول! وسحقا وبعدا لمن وضع أسس هذه النظرية! وتبا لمن تبعها شبرا بشبر وذراعا بذراع، حتى ولو دخلت جحر ضب لاتبعوها…
تجتمع بنات يجلسن في سيارة ذاهبات إلى إحدى المقاهي، فيلحقهن شباب مراهقون إلى حيث اللامكان واللازمان، فيعدن وذيولهن مكدرة بأنجاس المعاصي، بنت قاصية عن كليتها عند العطلة، تروم حبيبها، لتعانقه معانقة تذهب بخياله وحسه وفكره، وإن لم يكن بينهما علاقة زواج!
ما أعجبك أيها اليهودي! أبدلت بالخير شرا، واستعضت بالجمال قبحا، والذهب ترابا!
ما أقبحك أيها الإسرائيلي! قد سفهت أحلام الناس السُّذَّج، وضعضعت أركان بنيانهم الديني والعقيدي!
وما أفقرك أيها المسلم حين حرمت نفسك من محاسن الإسلام!