في كل مرة يزداد حب الصدق في قلبي، ولكنني قد لا أحب الصادقين، فقد يسعى المرء لأن يكون صادقاً ولا يكون ذلك، أن الحقيقة تغيب أحيانا فيظهر الوهم على شكل حقيقة.
وقد يكون صادقاً، ولكنه لا يتقن الحكمة في بذل الصدق بدون إحداث مفاسد.
ولذلك فإن طالب الحق لا بد أن تتوافر فيه صفات ؛ منها : أن يكون راجح العقل غير سفيه، وأن لا يظن أنه وحده الذي يفهم، وأن يشعر مع الناس كما يشعر مع نفسه، فلا يكلفهم ما لا يطيق هو، وأمر آخر هو في غاية الأهمية وهو :
أن المخطئ له حقوقه وكرامته الإنسانية، فيجوز لك أن تردعه عن ظلمه، ولكن لا يجوز لك أن تظلمه بحجة أنك مستاء من ظلمه وإساءاته.
والحكمة مطلوبة في كل الأمور، فقد تزال المشكلة بصمت وستر، ولا يدري الكثيرون أن هناك جهد قد بذل، ولا يدرون أيضاً أن هناك مشكلة.
وأبو حكيم مسؤول عن حل المشاكل باتزان، وأن يعلم أن المسؤولية الملقاة على عاتقه ليست نزهة أو مسابقة ترفيهية،
فواجب عليه أن يتعب في طريق الحصول على الحكمة.
ولكنَّ كل الدلائل تشير إلى أن أبا حكيم لم يكن حكيما ؛ أراد أن يحمل الجرة ليرفعها عن المارة فكسرها، ولو أنه لم يرفعها ونبَّه الناس بلطف ورفق لتجاوزوها بسلام.