كاتبة مقيمة في بلجيكا:
الثلاثاء 22 آذار 2007، من نفس التاريخ من اثني عشرة سنة،كان الوقت شتاء حين جمعت حقائبي، وودعت حضن أمي، تاركة أبي الذي ما يزال إحساسي بيده وهي تشد على يدي، لم يفارقني أبدا، كان ينظر إلي بنظرات غريبة، نظرات يقين أنني سوف لن أراه مرة أخرى. هجرت دفء الوطن، قلت سلاما ﻷهل الحارة، وداعا ﻷخواتي اللواتي تركتهن يتقاسمن لوعة فراقي. تركت صمتا وحزنا بالبيت، افتقدوا مرحي وأنا أحكي لهم آخر نكتة سمعتها بمقر عملي أو وأنا عند مصفف الشعر. افتقدوا ثرثرتي التي من خلالها كنت أحس أنني ما أزال أحيا.. افتقدوا حضوري.
هي سُنة الحياة مثلما يقولون، كنت أقاسمهم نفس الحزن، مشاعر متضاربة بداخلي، شاركتهم البكاء وحرقة الفراق.دخلت من بوابة المطار (محمد الخامس بالبيضاء) وتركتهم، تركت ذكرياتي الجميلة: ناس الحارة، أهلي، عملي، أصدقائي من جمعتني بهم الطفولة واﻹعدادي والثانوي والجامعي، والنضال أيضا، بل وتركت وطني.كان علي أن أتحمل، فالقرار كان قراري وحلما أن أركب الطائرة بفستان أبيض وتنورة طويلة مكتوب عليها: 22 آذار2007.
كان حلمي، نعم كنت دائما مع صديقاتي وأخواتي نتحدث أحيانا عن أحلامنا، عن عدد أطفالنا، عن أساميهم، عن كيف سيكون فرسان أحلامنا. فكان حلمي دائما فارسا ميسورا جدا ويجيد ركوب الخيل، وأن يكون فستان زفافي تنورة طويلة بما يكفي كي أكتب عليها التاريخ كلما احتفلت بعيد الزواج.كان حلمي أن يكون ورد بيديّ، وأن تحملني الطائرة إلى حيث يكون “الوهم”. حلمت بأشياء كثيرة. كانت صديقاتي وأخواتي أحيانا تضحكن وأنا أرويها لهن.
صباح يوم 2007 من اثني عشرة سنة، كانت الطائرة في الموعد كما حلمت. لكن باقة الورد والفستان اﻷبيض والتنورة الطويلة وأسامي اﻷطفال والتاريخ.. بقوا عالقين فقط بالحلم.