قُلنا لِعَمْرٍ طَغى زَيْدٌ بِفِعلَتِهِ
فَاضْرِبْهُ، كَيْفَ تَعيشُ الدَّهْرَ مَفْعُولاَ؟
نَراكَ تُصفَعُ تُعطي الخَدَّ ثَانِية
وَتَلْثُمُ الكَفَّ مَصفوعا وَمَعلُولاَ
إِذا قَرَأْنا بِناءَ الْفِعلِ في مَثَلٍ
بَرَزْتَ أَنْتَ وَزَيْدٌ ظَلَّ مَجْهُولاَ
وَإِنْ تَأَكَّدَ نَهْيٌ لَمْ تَكُنْ أَبَدًا
وَزادَ فِعلُكَ في الإعرابِ تَعطيلاَ
تُجَرُّ بَعدَ حُروفٍ أَنْتَ آخِرُها
إِذا تُضافُ تُرى في السَّطْرِ مَذْلوُلاَ
وَأَنْتَ آخِرُ مَنْ يَرْقى إِلى بَدَلٍ
أَمّا النُّعوتُ فَيَكْفي فيكَ ما قيلاَ
إِذا أَساءَكَ تَمْيِيزٌ تَموتُ أَسًى
وَيَدَّعي الخَلْقُ أَنْ قَدْ مِتَّ مَشْلولاَ
نَراكَ تَكْبُرُ تُسْتَثْنى وَلا سَنَدٌ
دَوْما بِإِلاَّ عَنِ الإِحسانِ مَفْصولاَ
يا عَمْرُ كَيْفَ لِزَيْدٍ أَنْ يَكونَ أَخا
يَقْسو عَلَيْكَ فَيَأتي الفِعلُ تَنْكيلاَ!
اُخْرُجْ مِنَ النَّحوِ أَنْقِذْنا فَلَيْسَ لَنا
في العَطفِ حَظٌّ وَلَيْسَ الحالُ مَعسُولاَ
فَما الطُّغاةُ سِوى زَيْدٍ عَصاهُ لَنا
كَالشَّرطِ تَفْرِضُ فِعلاً لَيْسَ مَقْبوُلاَ
يُصَرِّفونَ لَنا حُبًّا مَضَى زَمَنًا
مِنْ غَيْرِ لامٍ، وَقَدْ في الشَكِّ ما نيلاَ
كَأَنَّما غَدُنا في الصَّرفِ مُمْتَنِعٌ
وَهَلْ غَدٌ لِوَضيعٍ شَبَّ مَشْلُولاَ؟
وَالحالُ حاضِرُنا في عُرفِهِمْ عَدَمٌ
إِذا يَحِقُّ فَـ«لَنْ» تَنْفي الأَفاعيلاَ
جُموعُنا بِيَدِ التَّكْسيرِ ساقِطَةٌ
وَجَمْعُ كَثْرَتِنا يَحكي الغَرابيلاَ
لَنا المَكانُ وَلا يَرقى الزَّمانُ بِنا
إِذْ لا مَكانَ لَنا مُذْ كانَ تَرحيلاَ
في مِحنَةِ النَّفْيِ مَنْفانا تُؤَكِّدُهُ
نُوناتُ نَفْيٍ فَتَنْفي كُلَّ ما نِيلاَ
أَسْماءُ آلَةِ أَرضٍ نَحنُ نَحرُثُها
وَقَدْ غَدَوْنا مَعَ المَنْفى أَباطِيلاَ
وَكَالضَّميرِ يَمُوتُ الحُلْمُ مُسْتَتِرًا
وَحينَ نُسْنَدُ يَبْقَى الظَّهْرُ مَعلُولاَ
لا تَسْأَلوُا عَلَمًا لَفْظًا يَدُلُّ عَلى
لا شَيْءَ حينَ يَجيءُ اللَّفْظُ مَجْدُولاَ
إِذا نَظَرْتَ إِلى شَعبٍ تَراهُ غَدَا
نَقْصا وَقَصرا يُحاكيها المَناديلاَ
فَلَيْسَ يَعرِفُ مَهْما كانَ نائِبُهُ
عَمَّا يَنُوبُ وَزَيْدٌ ظَلَّ مَشْغُولاَ
إِذا يَفِيقُ يَرى التَّفْضيلَ مَرْتَبَةً
أَمَّا الإِشارَةَ تَنْبيها وَمَدلُولاَ
مَوانِعُ الصَّرفِ هَلْ كُنَّا لَها عَجَما
وَرِزْقُنا لَمْ يَكُنْ في الأَرضِ مَكْفُولاَ؟
نُونُ الوِقايَةَ ما عادَتْ تَقِي وَطَنا
غابَتْ ضَمائِرُهُ مُذْ صارَ مَخْبُولاَ
وَمُذْ غَدا عَدَدا إِنْ ذَكَّروهُ غَدَا
أُنْثًى تُمِيطُ عَنِ الكُسِّ السَّراوِيلاَ
وَكَالرُّباعي إِذا التَّصغيرُ لازَمَنا
قَدْحا يَكونُ فَيَأْتي الاِسْمُ مَدخُولا
أَنْسابُنا كُلُّها المَنْقُوصُ لَيْسَ لَها
مَدٌّ فَتُرفَعُ فَوْقَ الرَّأْسِ إِكْلِيلاَ
هَلْ كانَ آباؤُنَا أَبْناءَ زَانِيَةٍ
كَيْ نَدَّعي شَرَفا قَدْ قيلَ مَنْحُولاَ؟
أَوْ نَدَّعي العِلْمَ إِنَّ العِلْمَ كانَ لَنا
لَكَمْ سَهِرْنا وَزِدْنا العِلْمَ تَحصِيلاَ!
آنَ الأَوانُ تَعِبْنا مِنْكِ يا جُمَلاً
إِسْمِيَّةً تَهَبُ الحُكَّامَ تَضْليلاَ
يَقولُ حَاكِمُنا ما بَيْنَ مُفْرَدِنا
وَالجَمْعِ مُجْتَمَعٌ زِدناهُ تَبْغيلاَ
سَاداتُنا إِنْ هُمُو رامُوا البِناءَ بِنا
أَوْ أَعْرَبُوا زَرَعُوا في القَلْبِ تَحويلاَ
نَادَوْا بِياءِ نِدا: يا شَعْبُ! فَانْطَلَقَتْ
أَرواحُنا لَهُمُ حُبا وَتَهْليلاَ
إِذا اسْتَغَثْنا يَصيرُ الواوُ نُدبَتُنا
وَحينَ نُفْجَعُ يَأْتي الوَقْفُ تَعجيلاَ
هَا نَحْنُ قَابيلُ صِرنَا عِنْدَهُمْ مَثَلاً
وهُمْ غَدَوْا حينَ فاضَ الكَيْلُ هَابيلاَ
قِربانُنا لَهُمُو تُهْدَى وَمِنْ جَشَعٍ
اَلنَّاهِبُونَ هُمُو قَوْلاً وَتَفْعيلاً
كَأَنَّنَا لَمْ تَكُنْ أُمًّا لَنَا أبَدًا
حَوَّاءُ أَوْ آدَمُ المَبْعوثُ مَرسُولاَ
خَيْراتُكَ اللهُ لَمْ تَنْضُجْ بِكَعبَتِنَا
صارَتْ إِلى يَمَنٍ لُغْما وَأُسْطُولاَ
إِذا شَكَوْنا حَماقاتٍ بِساسَتِنا
أَفْتَى الفَقيهُ وَزادَ النَصَّ تَأْويلاَ
وَكَالنُّحَاةِ بَنى ساداتُنا صَنَما
لَهُ النَّشيدُ غَدا في الأَرْضِ تَرتِيلاَ
تَراهُ يُعبَدُ دُونَ اللهِ مُنْتَصِرا
تَراهُ يُتْلَى عَلَى المَصلُوبِ إِنْجِيلاَ
إِنَّا نُريدُ لَنا التَّاريخَ مُتَّكَأً
كَيْ لاَ نَمُوتَ وَيَبْقَى الذِّكْرُ مَحلُولاَ
يا زَيْدُ حَاذِرْ مِنَ النَّحوِ الَّذي انْتَصَرَتْ
فِيهِ العَوامِلُ لَمَّا صِرتَ مَسْؤُولاَ
فَقَدْ يَجيءُ زَمانٌ في شَواهِدِهِ
عَمْراً تَصيرُ كَما قَدْ كانَ مَفْعُولاَ
وَيا طُغاةَ بِلادِ اللهِ فَانْدَحِرُوا
كَفاكُمُو يا طُغاةَ الأَرْضِ تَمْثِيلاَ
إِنَّا سَئِمْنا وما حالَتْ مَطالِبُنا
فَلَنْ نَكُفَّ إِذا لَمْ نَلْقَ تَبْديلاَ
اُلْطُفْ بِعَمْرٍ وَلا تَبْخُلْهُ نافِلَةً
واقْرَأْ عَلى قَبْرِهِ إِنْ زُرْتَهُ الْفِيلاَ
لَعَلَّ رَبَّكَ يَاْتينا بِعاصِفَةٍ
هَوْجاءَ يُرْسِلُها طَيْرا أَبابيلاَ
تَجيءُ تَرمي عَلى الدُّنْيا حِجارَتَها
حَتَّى تَصيرَ بِلادُ اللهِ سِجِّيلاَ
وَالنَّحْوُ يَرجِعُ حَتْما عَنْ ضَلالَتِهِ
وَالْعَطْفُ يُصبِحُ لِلإِنْسانِ قِنْدِيلاَ
وَالنَّصبُ يُرفَعُ لَمَّا الحُرُّ يَرفَعُهُ
وَالجَرُّ يُصبِحُ بَعدَ الجَرِّ مَحمُولاَ
وَبَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍ إِنْ هُمُوا أَمِنُوا
يَكونُ حَبْلُهُما بِاللهِ مَوْصُولاَ
هَذي الأَماني كَما الأَحلامُ نَرسُمُها
لَكِنْ نَنامُ فَتَبْدو في الكَرى غُولاَ
نَهْوَى البِشارَةَ إِنَّا لَمْ نَعُدْ بَشَرا
ما دامَ زَيْدٌ يَزيدُ الأَمْرَ تَهْوِيلاَ
مَتى يَجيءُ زَمانُ الوَحيِ يا بَلَدي
حَتَّى نَرى في سَماءِ اللهِ جِبْرِيلاَ!