ماتت الممثلة الفرنسية Riva Emmanuelle صاحبة الدور الكبير في فيلم Hiroshima, mon amour لصاحبه Resnais الذي يحكي القصة المأساوية للمدينة اليابانية التي دمرتها القنبلة الذرية الأمريكية.
صدر الفيلم عام 1959 واستقبله النقاد والجمهور بحماس شديد، حيث أبانت فيه الممثلة عن عبقريتها التمثيلية، وكان عليها أن تنتظر نصف قرن حتى تحدث ضجة سينمائية أخرى عن فيلمها الرائع: “الحب”، من إخراج Haneke Michael حيث جسدت فيه دور امرأة عجوز في صراع مع الموت بسبب إصابتها بمرض الزهايمر.
تحكي قصة الفيلم الأول حياة امرأة تتزوج رجلا يابانيا وهي تدرك جيدا باستحالة حبهما، لأن ظروف الحرب لا تجود لهما بالوقت الكافي لتقوية روابط هذا الحب.
الزوجان يجوبان شوارع المدينة المضيئة بأنوار الحرب، وهما ينتظران بزوغ الفجر ليتفرقا إلى الأبد.
“يأتي اليوم الذي لا نعرف فيه كيف نسمي ما حدث في ذاكرتنا، وبعد ذلك سينتهي كل شيء”، هذا ما قالته االبطلة وهي تودع زوجها في الليلة الأخيرة في المدينة المنكوبة.
الفيلم لا يروي قصة المدينة بقدر ما يفصح عن تأملات حول الذاكرة وهشاشة الحاضر، من خلال تشبث العاشقين بهذا الحاضر الذي يتفلت من بين أصابعهما في عجز رهيب لامتلاكه.
المدينة مثل العاشقين، تجهد نفسها لنسيان الماضي ولكن دون جدوى، فالمآسي التي تركتها الفاجعة أكبر من أن تنسى.
استحضرت اسم الفنانة الفرنسية في هذه اللحظات ليس فقط لإعادة الاعتبار إليها بسبب موتها ولكن لأننا سريعا ما ننسى التاريخ.
وأنت تزور “Auschwitz” الذي يؤرخ للمحرقة اليهودية تجد مكتوبا على باب الدخول عبارة: “سانتايانا” المشهورة، من ينسى التاريخ فهو محكوم عليه أن يعيده”.
إن صعود موجة الشعبوية في كل العالم له علاقة كبيرة “بالنسيان”، نسيان الماضي، نسيان التاريخ، إنه التأريخ للحظة” فقدان الذاكرة”.
إن ما ننساه، ما لا نتذكره، يدخل ضمن ما لا نستطيع التعبير عنه، وكل ما لا نستطيع التعبير عنه الآن يعتبر مفقودا.
الحب الذي يطغى عليه النسيان حب مأزوم مثل هيروشيما تماما، تظل مدينة مأزومة أبد الدهر.
أزمة النسيان تحصدنا، الكراهية تتمدد في أوصال العالم كالفطر الضار، والديماغوجيون يتكلمون إلى العالم بنبرة الحكماء لكن بدون ذاكرة، ومن لا ذاكرة له لا تاريخ له، لا حاضر له، لا مستقبل له.