استضاف المقهى الأدبي الأورو عربي ببروكسيل تحت إشراف الشاعر المغربي أحمد حضراوي في دورته 37 الكاتب العراقي احمد مختار المالك الذي شارك بموضوع صراع الحضارات بين الغرب والشرق واعتمد في دراسته على كتاب المجعد البغيض للكاتبة
Esther FREUD
حفيدة حفيد
.Sigmund FREUD
هذه الرواية تحكي يوميات أسرة إنجليزية متكونة من أم وطفلتبن اتجهن إلى المغرب رفقة أصدقائهن للاستقرار فيما بعد بمدينة مراكش كانت
Esther FREUD لا تتجاوز خمس سنوات من عمرها تلعب في الشوارع وتتردد على ساحة جامع الفنا في الوقت الذي كانت فيه والدتها تتنقل بين أحضان هذا وذاك كبلال وغيره. هذا الملخص من الرواية الذي نقله لنا الكاتب العراقي والذي تحدث فيه على لسان الكاتبة عن تخلف الشخص المغربي وتراجعه فكريا أستحيي أن أدخله في اهتمامات المستشرقين بالحضارة العربية لأن ما نُقل لنا اختزل جمال المغرب وحضارته في القمصان الملونة التي أثارت انتباهها. أما عن الجانب الروحي فقدمته بطريقة كاربكاتورية حتى خُيل لي أن هذه السيدة مُروضة منذ الصبا للهجوم والتحامل على المغرب، ولكن ما يشفع لها أنها نقلت ما وصلها كطفلة تعاني من الطلاق والضياع اليومي الذي كانت تعيشه أمها، ولا يجوز فيها اللوم ولا ينبغي حتى أن يؤخذ كتابها مصدرا لدراسة صراعات الثقافات وتباين الحضارات، بقدر ما هو ملخص لحالة نفسية لمعاناة طفلة تفتقد للتوازن الاجتماعي والأسري.
قد أتساءل مثل الأستاذ يوسف الهواري: لماذا ذهبت هذه الأسرة للمغرب؟
فإن كان بِنية السياحة فكل حبة تراب، وشبر أرض من مراكش يحكي ألف حكاية وحكاية تؤرخ لتاريخ السبعة رجال، كما ذكر الدكتور يحيى الشيخ في مداخلته، والمدينة متحف مفتوح لمن لهم عيون بصحة جيدة. ولكن هذه الطفلة لم تر إلا الأثواب الملونة والتخلف الفكري حسب الملخص الذي نقله لنا الكاتب العراقي.
أاما الجانب الروحي الذي استحملت عناء السفر من مراكش إلى الحدود الجزائرية لاكتشافه فللأسف الشديد لم تنقل منه لنا إلا الوردة التي اُزيلت بعنف من يد طفلة في سنها، والأخ الذي ضرب أخته، وربط ذلك بالحجاب وبالزواج..
سرد كلاسيكي تعودنا عليه من المجتمعات الغربية لمهاجمتنا، ويبقى كل هذا مجرد صور سلبية لا علاقة لها لا بالحضارة العربية ولا المغربية على الإطلاق.
فموضوع هذه الرواية كما قدمه لنا المحاضر يفتقر لكل العناصر التي ينبغي أن نبني عليها دراسة تقارب أو تباعد الثقافات، وهذه الكاتبة داخلها مجوف، نخب، هواء عاشت معاناة انفصال والديها وغياب أم لا تحكمها مباديء أو مسؤولية تجاه بناتها. وعليه فمن يعيش حياة مضطربة سوداء فلا يرى غير السواد ولن ينقل لنا غير السواد ولا يرجى من ورائه شيء إيجابي، لأن فاقد الشي لا يعطيه.
وننتقل من النظرة المدمرة السلبية الغربية للشرق
إلى النظرة العربية للغرب من خلال رواية المبعدون للمغربي بهاء الدين الطود الذي ينحدر من شمال المغرب، فكان من الطبيبعي أن ينصب اهتمامه على إسبانبا (الأندلس الفردوس المفقود) في شخص إدريس، وأشار المحاضر إلى أن اختيار الاسم لم يكن عشوائيا وإنما نسبة للأدارسة الأشراف. ومن ثم ركز على الصراع الداخلي الذي قد يعيشه شريف بن شريف في بلدان الغرب، حيث تنعدم المبادىء ويموت الوازع الديني في قلوب الكثير.
وهكذا تاه هو أيضا في بحر الضياع لغياب الجانب الروحي الذي يعد الرابط الأساسي في كل علاقة يكتب لها الدوام.
خلاصة القول، بما أن العالم في الوقت الحالي قرية صغيرة لا تحكمه حدود جغرافية بسبب القفزة المعلوماتية، فقد أصبح أيضا من السهل التنقل من دولة لأخرى بححة الدراسة أو العمل مما سيزيد من كثرة الاختلاطات، غير أن هذه الأخيرة أصبحت تبوء بالفشل لأنها تظل علاقات
غائية لتحقيق هدف معين تنعدم فيها الروابط الروحية والدينية، وسرعان ما يستفيق الإنسان من سباته فيجد كل ما قربه من هذه الشخصبة أو تلك جدارا سميكا يبعدهما لغياب الضوابط الروحية وصراع الحضارات.
شكرا لكم الكاتب أحمد مختار المالكي على إثارة هذا الموضوع المهم الذي يستحق أن يقال فيه الكثير.