تعبتُ أسكبُ في الأقداحِ منْ سُحُبِي
أسقِي بغيثِ الندَى نخلًا بلَا رُطَبِ
أَكُلَّمَا دقَّتِ الأجْراسُ مَوْعدَها
صُمَّتْ مَسَامِعُ منْ بالوَعدِ لمْ يَؤُبِ
فوقَ الثَّرَى شاخَ ظِلِّي واقْتَفَى أثرِي
ذُلٌّ وقهرٌ بلَا ذنبٍ ولا سَببِ
نعشُ البطولاتِ قدْ سارتْ جنَائزُه
نَحوَ اللُّحودِ وقَبرِي حفرةُ الكذبِ
اُرقُصْ علَى الدَّم لا تسأَلْ متَى بُتِرَتْ
أطرَافُ مَجْدِي ولا تحْزَنْ علَى نُصُبِي
جفَّتْ مآقِي التَّوَاريخِ التِي دُمِغتْ
بحبرِ عيني فلَا صدقًا رأتْ كُتبِي
لا الليلُ ليلي ولا شمسُ الضّحى بيدِي
لكنّ ثوبي سوادٌ من دجَى النصبِ
منْ مُهجتِي قدْ عصرْتُ الدمعَ منهمِراً
ومنْ شغافِي يبَابٌ يَجْتَنِي عِنَبِي
هذي الدَّوالِي كتابٌ قدْ حكَى مِحَنِي
والخمرُ يُسْقَى دمًا للرأْسِ والذَّنَبِ
اِشْربْ على نخْبِ منْ هامُوا بلا هدفٍ
واضرِبْ على السمعِ دهراً وانتظِرْ عُقُبِي
لا الرَّمْلُ رملِي ولا الأَطيابُ منْ مُدُنِي
فالعِطْرُ جفَّ بها والمِسْكُ لم يَطِبِ
أمشي على النارِ لا يُجْدِي معي بَرَدٌ
والقلبُ بركانُهُ يغلِي منَ اللَّهَبِ
زيتُ البراميلِ مِغوارٌ بهِ انتكسَتْ
أعلامُ ملحمَتي، فليَعْلُ مُغتصِبِي
فليَعْلُ مُغتصِبِي أسوارَ مقبرَتي
ولْيضحكِ الإفكُ منْ جوعِي ومنْ سغبِي
سنامُ ظهري مداسٌ للعدَى وخُطَى
ركبِي ثِقالٌ.. قوامِي هدَّهُ وصبِي
قُلْ للرّدى كفَني قد حكْتُهُ بيدِي
في وكرِ من خانَ ميثَاقِي ولمْ يتُبِ
هذي القبائلُ لم تتركْ مضاربَها
ثاراتُها لمْ تزَلْ تُفنِي عُرى النَّسَبِ
والسّيفُ يختالُ في رقصٍ يميدُ بهِ
في غمدِه خجِلًا إلَّا منَ العَرَبِ.