غريبة هي ظاهرة اللوحات الإشهارية التي أصبحت تنتشر كالفطر في المشهد الثقافي البلجيكي وأخص المشهد العربي “الطارئ” على مدينة بروكسل بالتحديد. فبعد افتراضية الفعل الثقافي الحضاري العربي في عموم بلجيكا إلا من جمعيات ثقافية قليلة تكاد تعد على أصابع اليدين، واقتصار معظمها على الحضور الفيسبوكي الذي يجعل الأمر اشد التباسا على المتتبع العربي في البلاد العربية فيحسب كل من نسب إلى نفسه عملا أنه فعلا كائن فاعل حقيقي، فيستغل سمعته الثقافية وباعه المزعوم في النصب على المؤسسات الداعمة في بلده وقد توسمت فيه خيرا (سواء في المغرب أو البلدان العربية الأخرى)، فتُستنزف الأموال الذي خصصت بالأحرى لفعل ثقافي مهجري جاد، بدل صور يلتقطها سماسرة ريع الثقافة من أنشطة غيرهم ليقتاتوا منها بعدما جففت مصادر عيش أخرى أمام شرههم.
أصبحت هذه اللوحات الإشهارية منذ طروء بعضهم على الساحة الثقافية في بلجيكا معضلة بحق وورقة مكشوفة لكل العاملين في الحق الثقافي، بحيث أصبح كل فاعل ثقافي حقيقي يعاني من مزاحمة هذه اللافتات التي ليست في الأصل إلا كيانات وهمية برغم أنها مسجلة بشكل قانوني لدى السلطات البلجيكية كجمعيات ثقافية فاعلة غير ذات هدف ربحي، إلا أن ما يعوزها هو القيام بأنشطة ثقافية حقيقة سواء لعجزها عن استقطاب الفئة العربية أو الأجنبية المثقفة والمبدعة لعدم ثقتها فيها، أو لانعدام أصحابها (الطارئين على الشأن الثقافي عموما) للكاريزما الثقافية التي تؤهلهم لقيادة وريادة الثقافة المهجرية، تماما مثلما فشلوا في بلدانهم الأصل في ذلك، فاقتصر “دورهم” على حمل لافتاتهم على أكتافهم ومزاحمة الفعل الثقافي الذي سئم من نصبهم واحتيالهم غير أن مستواهم الأخلاقي يتسامى بهم عن النزول إلى مستوى المتسلقين خاصة وأن هؤلاء يختارون جيدا مكان وزمان تنصيب فخاخهم الإشهارية، ويكون أي تعامل معهم أمام الجمهور تشويشا أكثر على الحفل الثقافي وإرباكا له. غضافة على تقنيات التواصل الحديثة التي تسهل لهم استراق الصورة والصوت لاستجماع شهادات الزور التي يكون غالبا دافعها رشوة ما (مادية أو معنوية)، أو طموح من وراء (قنواتهم) الوهمية التي لا تعدو ان تكون حسابا مجانيا على موقع يوتوب!!
هل آن الأوان لأن يُنسب كل حق لأصحابه وكل جهد لمن قام به وعليه فعلا، وهل آن لمثل هؤلاء الطارئون على المشهد الثقافي ببلجيكا فقط ان يستحوا!!!