بذكـــر الله تكتشـــف العــبــر***ويكتشف القـضاء مـــع القــدر
خلقنــا للعـــبـادة منـذ كـنّـــا***ومن رفـــض الصّيـام فـقد كفر
وفي الشهر الكريم نزيـد قربـا***بأخـــــذ الإذن من رحـم القـمر
فحمــدا للــذي خلق المنـايــا***وقد منح الحياة لمـــن شـــكر
تعالـى ربّنـــا عن كلّ وصــــف***وربّ العرش من خلـق البــشر
أنا النّون الذي حمل القســـم***فكان لي اليــراع من الخــــدم
كتاب الله شرّفنـــــي بذكـــــر***به الأقــــــــوام تلتمــس النّعم
وفي الفردوس قدّرني إلهــي***وحبّبني إلى شــــتّى الأمـــم
وبالصّلوات في الأسحار أتلى***فأنشر ما يفيد من الحــــــكم
تبارك ربّنــــا وبه ارتقـــيـــنــــا***إلـــى رتب التّــعلّــــــم بالقلم
أنا الفصحى أنا لغة العـــــــرب***أنا نــور البـــلاغة فـــــي الأدب
سكنت الوحي في الإسلام ذكرا***تربّع فــــــوق ناصيـــة الحقب
وسعت كتاب ربّي في حروفــــي***ومنها قد نشرت ندى النّسب
محمّد قاد بي دينــــا حنــــــيفـــا***فأسلــــــمت الأعاجـم والعرب
وبالفرقان أشرق في الأعالـــــي***كــــلام الله فاتّضـــــــح الطّلب
رموني بالمهانة في الشّباب***فكان عزوفهم مثـــــــل العقاب
فقدت نضارتي منذ انحطاطي***وشاع الجهل فانحرف انتسابي
ولدت ولم أجد في النّاس أهلي***كأنّي قد غدوت من السّـراب
وفي كفن الوفاة وضــعت ليلا***وقد نبح الكــلاب على الــذّئاب
وما دفنوا حروفي في مماتي***لأنّي في الوجود مـــــن الكتاب
أنا الفصحى لسان الضّاد حرفي***يبيّن مسلكي نحوي وصرفي
وبالإملاء يكتمل انسيابي***وتتّضح الرّؤى في فـــــــقه ظرفي
بياني ليس في الإنشاء صعبا***ونظمي في القريض أنار جوفي
وإنّي في اللّـــــغات بلا قرين***ولا يخشى دعاة اللّــغو حرفي
أنا لغة الكــــــتاب بأمر ربّي***سأشرق في العقول بدون خوف
أنا لغة العباد الصّالحــــــينا***أنا لغة الهــــــــــــدى أدبا ودينا
حـــــماني الله بالقرآن ذكرا***لأوقظ بالبـــــــــــــــيان الغافلينا
وفي كلّ العصور نشرت فقها***تجسّد في عــطــــاء الأوّلينــا
ألم تعلم بأنّ النّون ســـــــطر***به الرّحمان علّمنا المبـــــينا؟
تدفّق بالبيان وبالمــــــــعاني***وبالإلــــــــــــهام أحيا الميّتينا
بصورة أحرفي تحلو المعاني***فتقــــــطف بالأنامل كالمجاني
يشقّ بها اليراع خيال ذهن***تعلّق بالبـــــــــــــــلاغة والبـــيان
فينجب بالحميم بنات فكر***بهنّ الضّاد أبدع في اللّـــــــــــسان
قطوف بالمعاني قد أجابت***وأحضرت البـــــــعيد من الزّمان
فيا ليت اللّسان يعود يوما***على ظهر الرّفيع من المـــــــعاني
يغازلني برقصـــتــه اليــــــراع***فيولد من دلالته الشّــــــــــعاع
ويسألني فأسرع في جوابي***وســــــرّه في التّـــــأمّل لا يذاع
كأنّه في الرّضاعة لي شقيق***تؤاخينا بحكمتها الطّـــــــــــباع
يزركش أحرفي ببديع رسم***فيعشقني الأئمّة والسّـــــــــــباع
أنا لغة بها الرّحـــمان رقّى***عقول الخــــلـــــق فانهزم الخـداع