رغم أني لا أطاق إلا أنها كانت تحبني، ومع كثرة من عرفت من
النساء فلم أعرف الحب في حياتها. كان قلبي مستعمرة للنساء
من كل لون وكأنما أبى أن يرجع أنثى مكسورة الخاطر، وهي
ترى هذا، ومن عجب أنها كانت توصيهن بحسن معاملتي هذا
بعد أن فاض كيلها ورأت إصلاح حالي من باب المستحيل
وتقول : ” يكفيني أنك تعود إلي مهما طال بعدك فعشك في
صدري”، وأسخر منها غير أني – رغم هذا – لا أطيق بعادها ثم
ماتت وكأنما قبرت معها يوم وارى الثرى جثتها فعافت نفسي
النساء، ولم أر فيهن ما كنت أراه حال حياتها، وكأنما بموتها
ماتت كل النساء، وحين كانت تنبض كنت أراها في كل النساء،
ولعلني ما عرفتهن إلا لكونهن من جنسها، وأراني أذهب إلى
قبرها لأخبرها أني ما أحببت سواها، فتراها تسمعني ؟ ، فلم لا
ترد ؟ …أووه! .. إنه الخرف أصابني يوم غيّبها قبر، وإلا فها هي
ذي تمرح في صدري.. تلومني حينا وحينا تعانقني، وأفيق فلا
أجد غير سراب يحسبه الظمآن ماء ! ، ألا قُتل الإنسان ما أحمقه
حين يبكي ما ضيعه! …