“سعادة الشقاء أم شقاء السعادة!؟”:
في أي رحلة لا بد وأن نعاني من تعب وإرهاق، لكن عندما نصل إلى وجهتنا المرجوّة؛ يبدأ هذا التعب بالتلاشي، حتى يصبح في طي النسيان، وذلك لتغلب السعادة على ما حل في طريق هذه الرحلة من مشقة وتعب، وخصوصاً إذا كان هذا المكان كما تم وصفه، بل فاق الوصف جمالاً وراحة وأُنسا، فتملأ السعادة قلوب الجميع، غير آبهين بما لاقوه في طريقهم إلى هذا المكان، فجمال المكان شكلا وإحساسا، ذهب بكل ذلك العناء، وكذلك هي رحلة الحياة، فلما خلقنا رب العزّة، دلّنا على مكان نذهب إليه لنقضي فيه حياة أبدية، لا موت ولا عناء ولا تعب ولا شقاء فيها، ولكن أخبرنا أيضا عن المشقة التي ستحل بنا في طريقنا نحو هذا المكان، فإن كان جمال وصف لمكان في الدنيا للتنزه والاستجمام؛ إذا كان مجرد الوصف يدفعنا لتحمل مشقة الطريق والمصاريف لنصل إلى هذا المكان، فكيف بجنة الحياة فيها أبدية؟! ألا تستحق منا تحمل كل أنواع التعب والشقاء، ابتغاء دخول جنة فيها ما لم تر عين ولم تسمع أذن وما لم يخطر ببال بشر؟!
فأي الطريقين أحق بالصبر والتحمل؟ طريق لمكان دنيوي، أم طريق نهايته لقاء الله؟!
فمن أراد لقاء الله راضيا عنه، فما عليه سوى أن يدرك أن الله خلقنا لعبادته متكفلا بنا وبأرزاقنا، فإن مجرد توحيدنا لله رزق، واستيقاظنا كل يوم موحدين رزق، وتحمل مشقة الحياة ابتغاء لقيا الله ودخول جنته رزق، والصحة رزق، وكل نعمة صغيرة كانت أم كبيرة رزق، فلينشغل كلٌ بنفسه، وليترك كل أمر لأهله، ويلتفت نحو هدف خُلقنا من أجله.
إذن: فسعادة بعد شقاء خير من شقاء بعد سعادة، راجياً أن يدركها قوم طال سباتهم، وازدادت أيام خريفهم، ومرّ عليهم ربيع تلو ربيع، غير مدركين أننا في طريق نهايته؛ لقاء الله…؟!