“الطبخ المغربي كنز وفخر الأمة؛ نظرية الاستمرارية
Théorie de la continuit” :
تعريف الخزنة الحديدية coffre-fort لهنري طراس حسب بنيوية ميشيل فوكو*، بين الاستمرارية والانقطاع، فيما يتعلق باستمرارية النمط الغذائي المعيشي المغربي تعتبر نظرية Henri Terrasse الخزنة الحديدية ( الصندوق الحديدي ) coffre-fort بمفهوم أنتروبولوجي بحت ( وهذا اختصاصه) هو استمرار غير متقطع interrompu ديمومة في ديناميكية الحياة (حسب مفهوم الاستمرارية والانقطاع )، أن الحالة المغربية هي استمرار لقرون طويلة على نفس الإيقاع rythme منذ آلاف السنين، وهو ما لاحظه وأطلق عليه الخزنة التاريخية coffre historique للتراث المغربي و العالمي، ليس فقط للمغرب وإنما لشمال إفريقيا وحوض البحر الأبيض المتوسط عامة، وما انقرض من العادات والتقاليد والتراث وما يهمنا من طبخ وأطعمة ووجبات التي كانت السائدة في العصور القديمة والتي اندثرت وانقرضت في أماكن أخرى في بلدان الجوار و بقيت عندنا في الخزنة. تتركز أبحاث هنري طراس على مقارنات أنتربولوجية و اجتماعية وتاريخية حدد ملامحها في كتابه الكبير ( تاريخ المغرب )، باعتماده على كثير من المصادر والمراجع التاريخية المتوفرة في كل المكتبات العالمية، إلى جانب اللقى والملقيات الأثرية الأركيولوجية، وأبحاث ميدانية قام بها في عين المكان. لهذا اعتبر طراس أن الحالة المغربية هي استمرارية غير متقطعة لحضارات تطور نفسها باستمرار في إطار الشكل المغربي دون الخروج عن ذلك الإطار منذ قرون، مع احتمال تكييف ( التكيف adaptation ) أنماط جديدة مستوردة ودخيلة، دون المساس بالشكل العام أو تقطيع الاستمرارية. وعليه فإنه يجب اعتبار الحضارة المغربية أصيلة وعريقة بمكوناتها المختلفة تراثيا وتاريخيا كونها كواحدة من الحضارات المستمرة كما كانت في الماضي و لا زالت قائمة حتى يومنا هذا في الحاضر .
تعتبر نظرية الاستمرارية عند ميشيل فوكو في البنيوية منهج فكري وهي استمرارية تاريخية ( تصف نظامًا من الأفكار أو الادعاءات أو القصص ( سرد ) فيما يتعلق باستمرارية شيء معين، أو حالة محددة خلال فترة زمنية معينة، خاصةً المظاهر الثقافية أو اللغوية أو العرقية. وتضع نظريات الاستمرارية ظواهر مختلفة في سياق واحد.
وهي عكس انقطاع التطور (التولد التلقائي، الذي تضمن تفنيده في الواقع الاعتراف بالاستمرارية الأساسية لعملية الحياة ) في العديد من الأمم، تلعب فكرة الاستمرارية دورًا مهمًا في الفخر القومي.
يقول فوكو إن فكرة الاستمرارية التاريخية بشكل عام هي إلى حد ما، مطلب أساسي للعمل التاريخي. مثلًا؛ تشكل العمليات السببية التاريخية في فكر التطور التاريخي، شرطًا أساسيًا لفهم العصور الماضية وقد حددت بواسطة ميشيل فوكو من وجهة نظر بنائية، فإن الاستمرارية ليست سوى نتاج عمل المؤرخ عندما يعمل على تكوين الصلات والعلاقات.
على كل حال يجب الحفاظ على هذا التراث الثقافي والحضاري المغربي من الضياع والنسيان والانقراض والإهمال..
_______________________
* ميشيل فوكو: انقطاع في الفكر أم تفكير في عدم الاستمرارية؟