“غادة” :
أغادةُ لا يبلى الودادُ وينهجُ
ولا هوَ واهٍ لو يُحاكُ و يُنسجُ
مقيمٌ كأقدارِ الفتى وملازمٌ
هوىً في ضلوعي كالملوكِ متوّجُ
أنا ساكنٌ مثل التماثيلِ هادئٌ
ومضطربٌ إمّا ذُكِرتِ مهيّجُ
إذا قيل: مكروبٌ مصابٌ بلبّهِ
أقول لهم: كربي إذا الكربُ يُفرجُ
أبى الله إلا أنْ يحرّرني الهوى
فما القلبُ إنْ يعشقْ ويهوَ مسيّجُ
تمامُ الهوى أنْ ليس يبقى سوى الهوى
بقلبٍ منِ الأشواقِ هيهاتَ يثلجُ
وأنْ أتهجّى وجهَها أحفظُ الضيا
فما لي َ إلا وجهُ غادة منهجُ
من البيضِ تبيضُّ المنى لو رأيتُها
وتسودُّ لو غابتْ فما تتبلّجُ
هلاليةُ الأردافِ ترتجُّ إن مشتْ
ولا خير في الأردافِ ليستْ ترجْرجُ
خدلّجة الساقين تسعى بحسنها
لها يستقيمُ الدربُ لا يتعرّجُ
قوامٌ لها كالماءِ ماجَ للينهِ
فماجَتْ بهِ روحي كما يتموّجُ
ونهدٌ إذا أبصرتُهُ غبتُ ساعةً
عن الوعي مبهوتًا ودهرًا ألجلجُ
وشَعرٌ ظلاميٌّ غفا فوق متنها
ووجهٌ مضيءٌ ماؤهُ يتوهّجُ
وحسنٌ لها يُهدي البلادَ حضارةً
بدائيُّ لم يمننْ عليهِ التبرّجُ
تكلّفنا هذي الحياةُ طبائعًا
ولمّا تكلّفْها إذا تتغنّجُ
إذا نظرتْ للمرءِ والمرءُ معدمٌ
ينالُ الغنى منها فما يتحوّجُ
أحاديثُها الماءُ الذي لو أغاثني
تطيبُ بهِ نفسي وتحلو وتأرجُ
بصوتٍ له لونانِ أخضرُ معشبٌ
وآخرُ خلّابٌ زكيٌّ بنفسجُ
سعيتُ لها سعيَ امرىءٍ يطلبُ العلا
وكنتُ بذكري حبّها الليل ألهجُ
وقلت لها فالشوقُ جاوزَ حدُّهُ
وقلبي على جمرِ التشوقِ ينضجُ:
إذا عينيَ اليمنى زجرتُ دموعها
تعاندني اليسرى وتأبى وتلججُ
أما تكرمينَ القلبَ حينَ ملكتِهِ
وينعمُ في حبٍّ لديكِ ويبهجُ؟
فقالت: أما يكفي وقالت: أما أما
منحتكَ من هذا وقد جئتَ تنشجُ؟
فقلتُ لها: لا يكتفي القلبُ غادتي
إذا لم يكنْ كلّي بكلّكِ يُمزجُ