وطنٌ يسير وخُطوه الشهداءُ
وسبيله نحو الإباء دماءُ
الماء فوق الماء يعبر رشفة
ويد الثرى حنّاؤها الأشلاءُ
وطن تحدر من عيونك دمعة
تحكي العجائز أنها نجلاءُ
مذ ألف عام كان يرسل حبه
في نبضه بعض الجنون شتاءُ
يسترسل الخطوات فوق إبائها
مشت الحضارة، حبرها الشعراءُ
في كل نخلة مريم مهدٌ سفا
في طلعه أمم له أصداءُ
يا مجمع البحرين يا جسرا إلى
غرناطة وجذورها الصحراءُ
كل المدائن قد تساقط ركنها
وبكى على أطلالها الندماءُ
قضت الرواية في الفصول جهنما
وقضت بأن بلاديَ العنقاءُ
عاد التتار بعدّهم وعديدهم
فتوارثتهم نكبة وشقاءُ
فغدا الرحال قبيلة ذهبية
سُحرت فكان لسحرها إيماءُ
تهذي الشوارد في أفول جحودها
وتكفُّ عن آياتها الظلماءُ
وتزمُّ في شفة الغرير أنينها
والبوح منه مسيرة خضراءُ
من خيمة الشرفاء أينع نبعها
من كأسها راياتهم حمراءُ
***
في موسم الكلمات تنبت فكرة
يمشي بها الإكبار والأهواءُ
والعُجْبُ حُقَّ بها فكل أميرة
ينتابها بتواضع خي
لم تكذب الأوصاف منذ جمالها
في رُحمه تتولّد العذراءُ
ما زال ينتظر الغيابُ حضورَها
في أوبة الحزن الحزين يُراءُ
لا يخطئ الشعراء في حب الثرى
المرجفون جميعُهم أخطاءُ
في هذه الصحراء بيت واحد
ومدينة في ركنها الإنشاءُ
تندوفُ مهبطُ شعرِ قيسٍ عاشقٍ
في ليله الليلى، وتلك نساءُ
أسطورة عبقت بنخوة ثائر
ما سَرَّهُ المنفى ولا الغرباءُ
لو قيل نسيانٌ يقول مدينتي
وفّى الفؤادُ ولم يخُنهُ رجاءُ
***
تندوفُ ألف مدينة رمليّة
لم تنتزعْها ريحُهم هوجاءُ
الصخر معدنها وواديها صوى
وجنونها عبق الأريج، فضاءُ
رُفعتْ لها الأعلام قانية إذا
ظمئتْ، دمي لمدينتي إرواءُ
رَفعتْ سبابتها لتشهد أنها
وكرُ البطولة دونها الهيجاءُ
إنْ للقاء تورّعتْ معذورة
خنست أفاعي، فاللقاء لقاءُ
تندوفُ قدسُ المغرب الأقصى التي
وُئدتْ بقيدٍ ليلهُ البأساءُ
قد آنَ آنُ أوانها وصلاحُها
يدُهُ لريب الغافلين شفاءُ !