عبّر المغرب، مساء الاثنين، عن ارتياحه لقرار الاتحاد الأوروبي القاضي بإخراج البلاد من القائمة “الرمادية” الخاصة بالدول غير المتعاونة في المجال الضريبي، وانتقالها إلى القائمة الخضراء.
وبحسب بيان صادر عن وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، فإن “هذا القرار يؤكد أن شركاء المملكة يتلقون، بشكل إيجابي، الإجراءات المتخذة وأن الجهود المبذولة والتدابير المتخذة تتماشى تماما مع مبادئ الحكامة الضريبية الجيدة والمعايير الدولية”، لافتا الانتباه إلى أن “الإصلاحات التي قامت بها المملكة على المستوى الضريبي، تتماشى مع شروط الاتحاد الأوروبي”.
وأكد البيان أن هذا التطور “يشهد على التعاون الإيجابي بين السلطات المغربية ونظيرتها الأوروبية في هذا المجال”، مشيرا إلى انخراط المملكة في “ملاءمة أنظمتها الضريبية مع معايير الحكامة الجيدة، وذلك في إطار تعزيز الشفافية الضريبية على المستوى العالمي”، مثمنا مسلسل الإصلاحات “التي تم إطلاقها منذ قانون المالية لعام 2018”.
وكان وزير الاقتصاد والمالية المغربي محمد بنشعبون، قد زار بروكسل في فبراير الماضي، حيث التقى بنظيره الأوروبي، باولو جينتيلوني، الذي يرأس المفوضية الأوروبية للضرائب، والمسؤول عن اقتراح الاعتبارات والتقييمات التقنية التي تعد على أساسها قائمة الدول والمناطق غير المتعاونة في المجال الضريبي، وهو ما جعل هذا التقييم الإيجابي يكون “متوقعا”، وفق البيان.
والقرار الأوروبي الجديد، الذي رأي فيه مراقبون أنه يضاف إلى سلسلة قرارات أوروبية أخرى تؤكد على وحدة التراب المغربي، والتطور المتلاحق لمسلسل الإصلاحات المؤسسية المغربية، اعتبره البعض أيضا نقطة تحوّل مهمة ستنعكس على مجمل العلاقات الاقتصادية المغربية الأوروبية.
وفي هذا الصدد، قال أستاذ المالية العامة بجامعة محمد الخامس بالرباط، محمد الغواطي: إن المغرب قد “اتخذ مجموعة من التدابير لتكييف تشريعاته الضريبية مع المعايير الدولية المعتمدة”، مشيرا إلى أن “قانون المالية للعام 2021 قد نصّ على إحداث آلية لتبادل البيانات مع الإدارات الجبائية الأجنبية”، مؤكدا أن ذلك يعتبر “جزءا من الإصلاح الضريبي المقرر برسم الفترة من 2020 إلى 2024 استجابة للتوصيات الصادرة عن المناظرة الوطنية للجبايات، التي عقدت في الصخيرات خلال شهر ماي 2019”.
وأضاف الغواطي منبها إلى “أهمية تقييم منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لنظام القطب المالي للدار البيضاء”، معتبرا أن المغرب قد “انتبه إلى أن الوفاء بالتزاماته اتجاه شركائه الأوروبيين لا يمكن أن يتحقق إلا عبر إعادة النظر في ضرورة ملاءمة النظام الضريبي الخاص بالقطب المالي للدار البيضاء مع المعايير التي يضعها الاتحاد الأوروبي”، ما انتهى بإخراج المغرب من “القائمة الرمادية”، والتي تم تصنيفه فيها منذ سنة 2017.
ومن جانبه، قال الخبير الاقتصادي والمالي، أيوب الصبار، في تصريح لموقع “سكاي نيوز عربية” إن “هذا القرار الأوروبي، ونظرا لكونه ناتجا عن معيار يقوم على مستوى الشفافية والحوكمة في المعطيات الضريبية، فإنه سيتيح للفاعلين الاقتصاديين مناخا اقتصاديا مشمولا بعنصر الثقة”، معتبرا أن “المناخ الجديد سيشجع على حد سواء الرساميل الأجنبية، وكذلك على تطوير المستثمرين المغاربة لشراكاتهم مع نظرائهم الأوروبيين”.
وأشار الصبار إلى أن التصنيف الجديد قد جاء تتويجا لـ”نزوع المغرب نحو تقوية الحوكمة داخل نظامه الضريبي خلال السنوات الماضية، قد أسفر على تحديث الترسانة القانونية المتعقلة بمناخ المال والأعمال”، مشددا على أهمية “تسريع وتيرة تطوير القطب المالي لمدينة الدار البيضاء، وكذا فيما يتعلق بالمناطق الصناعية”، لافتا إلى أن ذلك “يُظهر الرؤية الاقتصادية الصناعية الجديدة للمغرب”.
وفيما يتعلق بالأبعاد الاقتصادية الدولية التي يُراهن عليها المغرب، قال الباحث والمحلل الاقتصادي، حمزة أعناو، في تصريح لموقع، إن هذا القرار الأوروبي “يأتي تزامنا مع إقبال المغرب على إطلاق استثمارات ضخمة في أقاليمه الجنوبية”، مشيرا إلى أن “القرار سيعزز فرص الاستثمار خصوصا بعد الاتفاقيات الأخيرة مع أميركا و”إسرائيل”، وهو ما سيجعل من المغرب تجربة ناجحة داخل محيطه وبوابة رئيسية لريادة الأعمال في إفريقيا”.
وشددّ أعناو على أن “قرار الاتحاد الأوروبي القاضي بالسحب النهائي للمغرب من القائمة الرمادية للضرائب، قد جاء تقديرا لجهود المملكة في مجال الإصلاحات المالية والحكامة الجبائية”.
وتابع قائلا: “دمج القطاع الغير مهيكل، وتوفير آليات قوية لتشجيع المقاولين الصغار، ثم انخراط البنوك في مشاريع رقمية تواكب الأنظمة العالمية الحديثة في مجال مكافحة تهريب الأموال وتمويل الإرهاب هي العوامل التي مكنت المغرب من الدخول إلى قائمة الدول التي تتبنى نظاما جبائيا ومصرفيا شفافا”.
جدير بالذكر أن الاتحاد الأوروبي، وإضافة إلى اللائحتين الرمادية والخضراء، يتبنى لائحة سوداء للدول التي تعتبر ملاذات ضريبية، وتضم الدول ذات الأنظمة الضريبية التي تجذب الشركات والأثرياء لتقليل نسبة الضرائب التي يؤدونها أو تتيح لهم التهرب الضريبي.