أوضح مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة أن التحولات التي تشهدها خريطة التنظيمات الإرهابية قد تتواصل خلال المرحلة القادمة على ضوء التصاعد الملحوظ في نشاط ونفوذ التنظيمات الفرعية على حساب التنظيمين الرئيسيين.
وأضاف المركز، في ورقة تحليلية، أنه رغم أن تنظيمي “داعش” و”القاعدة” ما زالا يسيطران على خريطة التنظيمات الإرهابية، فإن ذلك لا ينفي أن ثمة تحولات عديدة طرأت على تلك الخريطة، تعود في المقام الأول إلى تغير توازنات القوى لصالح التنظيمات الفرعية، التي باتت تمتلك القدرة على تنفيذ عمليات إرهابية نوعية، وربما تتجه في المستقبل إلى تهميش التنظيمين الرئيسيين، على نحو دفع اتجاهات عديدة إلى تأكيد أنه لا يمكن الحديث عن تنظيم واحد لـ”القاعدة” أو “داعش”، بل تنظيمات متعددة، ربما تكون متصارعة في بعض الأحيان.
وحسب المركز ذاته، فإن التنظيمات الإرهابية تعرضت خلال المرحلة الماضية لهزائم وضربات نوعية، بفعل تصاعد حدة الحرب ضد الإرهاب التي قادتها قوى إقليمية ودولية عديدة. لكن ذلك لا ينفي أن تلك التنظيمات ما زالت لديها القدرة على تهديد أمن واستقرار بعض دول المنطقة، وتنفيذ عمليات إرهابية نوعية، لاسيما في ظل تعددها وتنوع أفكارها وانتشارها على نطاق واسع، وكذا تمددها داخل مناطق جديدة لم تصل إليها من قبل، بعد أن أصبح العديد منها عابراً للحدود، خاصة داخل القارة الأفريقية، التي صارت توصف، حسب كتابات عديدة، بـ”كهف الإرهاب الفسيح” في المنطقة.
وحددت الورقة التحليلية أبرز التحولات التي طرأت على التنظيمات الإرهابية، والتي يتوقع أن تتواصل خلال الفترة القادمة، من ضمنها الانتشار “القاعدي” في غرب أفريقيا، مشيرة إلى أن “اللافت في هذا السياق أن التنظيم بدأ خلال الفترة الأخيرة في التوجه نحو مناطق جديدة مثل خليج غينيا، وهو ما يمكن أن يساهم في تحويله إلى التنظيم الأكثر انتشاراً على مستوى العالم من الناحية الجغرافية، والأكثر تهديداً للأمن والاستقرار في مناطق شمال وغرب أفريقيا”.
كما تطرقت إلى تزايد نفوذ “شباب المجاهدين” في القرن الأفريقي، منبهة إلى تصاعد نفوذ حركة “شباب المجاهدين” الصومالية خلال الفترة الماضية، على نحو فاقم حدة التهديدات، التي تفرضها على أمن واستقرار دول القرن الأفريقي، خاصة في ظل محاولاتها دعم نشر ما تسميه “المشروع القاعدي” في المنطقة.
ونبه مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة إلى عودة “داعش”، قائلا: “يحاول تنظيم “داعش” باستمرار تنفيذ هجمات إرهابية نوعية داخل العراق وسوريا، وهو ما كشف عنه استهدافه الأخير للعاصمة بغداد، بتفجيرين انتحاريين في 21 يناير 2021، مما أسفر عن سقوط 32 قتيلاً وما يقرب من 110 جرحى”.
وأضاف “لكن لا يبدو أن “داعش” بات يركز على الدولتين الأساسيتين فقط، وإنما بدأ بالاهتمام أيضاً بالتمدد في مناطق جديدة، لاسيما القارة الأفريقية، حيث توجه خلال الفترة الأخيرة نحو وسط أفريقيا، وشن هجمات غير تقليدية مثل هجومه على سجن كانجباي المركزي في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية في 20 أكتوبر 2020، مما أسفر عن فرار أكثر من 1300 من السجناء”.