Home Slider site حصيلة فاشلة وتوجه يخدم اليمين.. كيف مهّد ماكرون لمارين لوبان طريق الإليزيه؟
تُظهِر استطلاعات الرأي في فرنسا تقدم زعيمة اليمين مارين لوبان على حساب الرئيس ماكرون بمستوى عالٍ من نيات التصويت في الجولة الأولى بـ26 و27% من الأصوات، وهو ما أرجعه المتابعون إلى حصيلة ماكرون الفاشلة وتهيئته لترسانة قوانين تخدم اليمين.
قبل ستة عشر شهراً من الانتخابات الرئاسية في فرنسا، يمكن تلخيص المعادلة الانتخابية في “مفارقة لوبان” زعيمة اليمين، إذ لا أحد من معارضي رئيسة التجمع الوطني يعتبرها قادرة على الفوز في الانتخابات الرئاسية المقبلة، ولكن الجميع دون استثناء حجزوا لها مكاناً رئيسياً في المشهد السياسي الفرنسي لدرجة أنهم بنوا استراتيجيتهم الانتخابية على وجودها في الجولة الثانية من رئاسيات 2022، وهو ما يعتبرونه أمراً مفروغاً منه.
تقترب هذه الفرضية من الواقع كثيراً، بخاصة مع الاطلاع على آخر استطلاع للرأي الذي أجرته صحيفة “L’opinoin”، والذي أظهر تقدم مارين لوبان على حساب الرئيس ماكرون بمستوى عالٍ من نيات التصويت في الجولة الأولى بين 26 و27 في المئة من الأصوات، وهي التي حصدت 21.3% من الأصوات في الجولة الأولى عام 2017 عندما نجحت في المرور وقتها إلى الدور الثاني.
تبدو الأسباب منطقية لصعود لوبان نحو الصدارة، إذ يرى متابعون أن حصيلة ماكرون في الرئاسة إضافة إلى البيئة اليمينية المهيمنة على الملفات الرئيسية في فرنسا، أعادتا نجم الزعيمة اليمينة للظهور مرة أخرى، وهو ما يطرح تساؤلات عديدة عن مستقبل البلاد في 2022.
On disait Marine Le Pen âbimée par son débat d’entre-deux tours raté. Elle est pourtant en tête des intentions de vote d’un sondage Harris Interactive quelque soit les candidats en face d’elle (par @NSegaunes) https://t.co/nJiuvsUjJB — Matthieu Deprieck (@mdeprieck) January 25, 2021
تقدُّم على ظهر ماكرون:
في الوقت الذي تتقدم فيه لوبان في سباق الرئاسة، يتوجه تركيز المرشحين المفترضين عن اليسار نحو إيمانويل ماكرون، بخاصة مع إقراراهم بواقع أن الزعيمة اليمينية ستكون طرفاً في الدور الثاني، فأصبح التحدي الأول لهم افتكاك أصوات الرئيس الذي ستنتهي ولايته، التي تتأرجح بين اليسار واليمين.
لا تريد الأحزاب اليسارية أن تفكر في مواجهة أخرى بين ماكرون ولوبان في الدور الثاني على غرار 2017، فكان خيارهم الأسهل التركيز على كتلة ماكرون الانتخابية، من خلال الاستفادة من موجة الغضب في الشارع الفرنسي والتواصل أكثر مع الاحتجاجات.
اليمين بدوره لديه ما يكفي من الأسباب كي يكون صوتاً لمن اختار ماكرون 2017 خاصة عبر تصدره لملفات الأمن والهجرة وقوانين “عنصرية” مثل الانفصالية، وهو ما اعتبرته صحيفة لوموند هدية ماكرون لليمين، إذ اعتبرته تهيئة جيدة لصعود اليمين.
? Nos grandes libertés constitutionnelles sont en très grave danger : on ne peut indéfiniment rogner nos libertés, sauf à accorder des victoires incroyables aux minorités anti-nationales et anti-républicaines !
Mon intervention en commission sur la liberté d’instruction pic.twitter.com/zubnhs8o0A
— Marine Le Pen (@MLP_officiel) January 22, 2021
وفي جميع الحالات، يستخدم الطرفان اليمين واليسار، نفس الحجة: أزمات عديدة تركت الفرنسيين منهكين، مع انهيار قيم الجمهورية، إضافة إلى وضعية المجتمع التي لم تشهد انقساماً كالذي عرفته في عهد ماكرون.
دومينيك ريني، المدير العام لمؤسسة الابتكار السياسي، اعتبر أن “الشعبويين لا يحتاجون إلى أن يكونوا أغلبية ليؤثروا بقوة في النقاش العام”، وهو ما حصل فعليا في فرنسا، ففي الوقت الذي تمر فيه البلاد بأزمة صحية لا مثيل لها بسبب فيروس كورونا، وجد اليمين نفسه مهيمناً على أجندة الحكومة في الأشهر الأخيرة من خلال مشروع قانون الأمن الشامل ومقاومة الانفصالية والدفاع عن قيم الجمهورية.
هذا ما دعا ماكرون إلى مراجعة أجندته قليلاً، ليقرر تأجيل المناقشة السنوية حول الهجرة التي كان من المقرر عقدها في ديسمبر/كانون الأول 2020 في الجمعية الوطنية، إلى أجل غير مسمى حتى لا يكون منبراً يعزّز سياسات مارين لوبان التي تعزز رؤيتها التي تربط بشكل وثيق بين الإرهاب والهجرة، وتغذي ذلك بسردية الهوية والأزمة الاجتماعية وملف السيادة.
الفرصة الأخيرة:
تحتفل مارين لوبان هذا العام بعيدها العاشر زعيمةً للتجمع الوطني اليميني، فقبل عشر سنوات، في 16 يناير/كانون الثاني 2011، تولت رئاسة الجبهة الوطنية متفوقة بفارق ضخم على منافسها برونو غولنيش.
طوال هذه السنوات، لم يكن سجل لوبان حافلاً ومهما، فأهم مافيه هو ما جمعت من أصوات في انتخابات 2017، عندما صوت لها 10.6 مليون مواطن في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية لعام 2017، وهو رقم قياسي في تاريخ اليمين، إذ حصل والدها جان ماري لوبان -الأب الروحي لليمين- على 3.8 مليون صوت في الجولة الأولى في عام 2007.
اللافت في الأمر، أن الزخم الذي حُقّق عام 2017 حوفظ عليه، تَجسَّد ذلك بعد عامين عندما فازت القائمة التي ترأسها جوردان بارديلا -نائب رئيس الحزب الشاب- في الانتخابات الأوروبية في مايو 2019 بنسبة 23.34% من الأصوات، كما حافظت الجبهة على عدد المقاعد التي فازت بها في الانتخابات البلدية الأخيرة.
?⚪️? @MLP_officiel annonce le lancement de notre plateforme participative “M l’avenir”, qui permettra à tous les citoyens de contribuer au débat public !
?? https://t.co/hf3prJ66Y3 pic.twitter.com/Bvuml7AYHa
— Rassemblement National (@RNational_off) January 25, 2021
في 25 يناير/كانون الثاني 2021، تظهر لوبان أمام عشرات الصحفيين في ثوب جديد، المعارض الأقوى لماكرون طيلة فترة حكمه والمرشح الأبرز لخلافته حسب استطلاعات الرأي، تعرض مرة أخرى وجهة نظرها في القضايا التي يعلمها الجميع وتطلق موقعاً إلكترونيا جديداً من أجل تلقّي مشكلات وتساؤلات المواطنين تحت اسم “M l’avenir”.
تحاول لوبان عبر ذلك الوصول لشريحة واسعة من الفرنسيين، إذ تفكر في الاستقالة من رئاسة الحزب خلال مؤتمره القادم في يوليو/تموز القادم، من أجل إظهار أنها مرشحة الجميع، وهي ذات الخطوة التي أقدمت عليها بتأخُّر كبير عام 2017، كمن تبقوا من اليمين المتطرف و”النازيين الجدد” خارج الحزب، وذلك لضمان تأييد أكبر من الفئات التي لا تصوت لها عادة.
دعم إماراتي؟:
يكشف موقع “ميديا بارت” الفرنسي، عن فتح تحقيق واسع في ظروف وشروط حصول حزب التجمع الوطني اليميني، بقيادة مارين لوبان، على دعم إماراتي بقيمة 8 ملايين يورو عام 2017.
وقال الموقع في تحقيق نشره إنّ القرض الذي منحته الإمارات لحزب التجمع الوطني (الجبهة الوطنية سابقاً) “أنقذ الحزب بعد انتخابات العام 2017، إذ كان يمر بصعوبات مالية كبيرة”.
وأوضح أن جزءاً من التحقيق ينظر في “العمولة المدفوعة” على هامش حصول الحزب على هذا القرض، مشيراً إلى أنّ الطرف الثالث في التعاقد كان العضو السابق بالبرلمان الأوروبي، رجل الأعمال الفرنسي لوران فوشير.
وحسب “ميديا بارت”، وُقّع عقد التمويل الإماراتي بمدينة بانغي عاصمة جمهورية إفريقيا الوسطى في يونيو/حزيران 2017، فيما كان فوشير ممثلاً لبنك إماراتي. وكشف الموقع الفرنسي لأول مرة عن قضية التمويل الإماراتي لحزب مارين لوبان، في أكتوبر/تشرين الأول 2019.
وأوضح أن الحزب اليميني كان يعاني صعوبات مالية خطيرة بعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية عام 2017، وأُنقِذَ بقرض قدره 8 ملايين يورو، من رجل الأعمال فوشير الذي لديه مجموعة مصالح تجارية في إفريقيا، والمقرَّب من كلود جيان، اليد اليمنى السابقة للرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي.
وحسب الموقع، ثبت أن المبلغ حُوّل من طرف شركة التمويل الإماراتية “نور كابيتال” بإشراف أحد مسؤوليها. وتعرّف “نور كابيتال” نفسها على موقعها الإلكتروني بأنها “شركة مساهمة خاصة تعمل في مجال الاستثمارات المالية، رخّصها مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي”.