حذر كبير المحللين في مركز “ناشيونال إنترست” الأمريكي هاري كازيانيس من نشوء وباء آخر يشبه فيروس كورونا ” في الصين، بذات الوقت الذي حذرت فيه دراسة أمريكية من قدرات السلالة الجديدة المتحورة للفيروس من مقاومة المضادات والقدرة على التغير السريع بالخصائص.
وفي موضوع الوباء الجديد نوه كازيانيس في مقابلة مع شبكة “فوكس نيوز”، بأن الوباء القادم يمكن أن ينتشر “في أي وقت” ما لم تتحل الحكومة الصينية بالشفافية.
ويأتي تصريح كازيانيس عقب تصريحات مفتشين صحيين مستقلين قالوا إنه “كان بإمكان بكين ومنظمة الصحة العالمية التحرك بشكل أسرع عند بداية وباء كورونا المستجد نهاية 2019”.
وتساءل كازيانيس: “ما الذي يضمن أن وباءا جديدا قادما من الصين لا يمكن أن ينتشر في أي لحظة؟ وما الذي تفعله القيادة الصينية لمنع ظهور مرض جديد؟”.
تاريخ من تصدير الأوبئة:
قبل ظهور كوفيد-19 في أواخر عام 2019، كانت الصين أيضا نقطة الأصل المفترضة للإنفلونزا الآسيوية، عام 1957، وإنفلونزا هونغ كونغ، في عام 1968، وتفشي إنفلونزا الطيور H5N1، في عام 1996، ومتلازمة الجهاز التنفسي الحاد (سارس) عام 2003.
ويُعتقد أن “سارس”، الذي ظهر قبل 17 عاما، أتى من قطط الزباد التي تباع كطعام “شهي” في أسواق جنوب الصين، وقد تم تتبع إنفلونزا الطيور، عام 1997، ووجد أنها تعود لطيور تقع في جنوب البر الرئيسي في الصين كذلك.
وبينما لا تزال جذور كوفيد-19 غامضة، فقد كان يُعتقد في البداية أن المرض جاء من خفاش، استهلكته امرأة في سوق المأكولات البحرية في ووهان، قبل أن تظهر نظرية أخرى مفادها أن الفيروس تسلل من مختبر الفيروسات في ووهان، عن طريق الخطأ.
ومع ذلك، مُنع فريق من العلماء من منظمة الصحة العالمية من دخول ووهان، في وقت سابق من يناير الجاري، لأخذ عينة للتحقيق في الأمر.
لكن في أواخر الأسبوع الماضي، قالت هيئة “الصحة العالمية”: إن فريقا عاد منذ ذلك الحين وجمع معلومات مفيدة، وهو التحقيق الذي طالما قاومه الحزب الشيوعي الصيني.
في هذا الصدد، قال كازيانيس: “تماما كما هو الحال في الاتحاد السوفييتي القديم، يعلم العلماء الصينيون أنهم لن يحصلوا على ترقية أبدا أو الارتقاء في مراتب الحزب الشيوعي الصيني من خلال الإبلاغ عن الأخبار السيئة أو المشاكل أو التحديات”.
لذلك، يشدد المحللون على أن الأمر قد تفاقم بسبب الافتقار إلى الشفافية من الحزب الشيوعي الصيني وتخوف الجهات العليا من اشتعال الاضطرابات الداخلية داخل أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان.
في الواقع، أثار تاريخ الصين الملوث مع الأوبئة تساؤلات حول ممارساتها الصحية العامة وما إذا كان يتم فعل أي شيء ضد أي احتمال مماثل.
الأستاذة المساعدة في الهندسة الطبية الحيوية في جامعة “نيو هافن” في ولاية كونيتيكت الأمريكية، كاجيا أمواكو، تقول إن الشفافية هي الطريقة الوحيدة للتعامل بشكل أفضل مع الخسائر المحتملة لوباء فيروسي آخر.
وأضافت: “ما يمكن أن يكون مفيدا في منع حدوث جائحة كارثية أخرى هو حملات تثقيفية أفضل حول الأمراض المعدية، خاصة في أماكن العالم التي هي في أمس الحاجة إليها وأنظمة إبلاغ فوري دون الكشف عن الهوية من قبل الأطباء والعاملين في مجال الرعاية الصحية المؤهلين، وتدفق أفضل من المعلومات عن الحالات الشاذة عن المعتاد عبر الحكومات والجهات الخاصة”.
دراسة حديثة تبدي مخاوف من قدرات أشكال كورونا المتحورة:
كشفت دراسة حديثة أجراها باحثون أمريكيون، عن قدرة التحولات الجديدة لفيروس كورونا في التغلب على المضادات الحيوية والأجسام المقاومة بعد الإصابة الأولى بالمرض.
وأشار الباحثون إلى أن هذا التحور قد يساهم في توليد “سلالة هاربة” من شأنها ألا تتأثر بالمناعة المتولدة في الموجة الأولى أو الأجسام المضادة التي تنتجها اللقاحات.
ونظرا لظهور العديد من المتغيرات في فيروس كورونا المستجد، من المهم ليس فقط تقييم قابليتها النسبية للانتقال بسرعة والتسبب في الإصابة بالفيروس التاجي كوفيد-19، ولكن أيضا ميلها للهروب من تحييد الأجسام المضادة والبقاء على درجة خطورة قصوى.
والمتغيرات التي تحتوي على طفرات جديدة، يمكن أن تؤثر على تفاعل مستقبلات السنبلة الفيروسية (S RBD) مع المستقبل الفيروسي على الخلايا المضيفة، ما يوفر نقطة دخول الفيروس التاجي مجددا.
علاوة على ذلك، ترتبط القابلية للانتقال بالوفيات، حيث إن الزيادة الحتمية في معدلات الإصابة الناجمة عن المتغيرات الجديدة ستؤدي إلى ارتفاع عدد الإصابات والوفيات.
ومع ذلك، فيمكن أن تتفاقم هذه التداعيات الوخيمة للعدوى الأكثر سرعة وانتشارا من خلال فقدان فعالية العلاجات واللقاحات القائمة على الأجسام المضادة المتاحة حاليا وانخفاض المناعة الوقائية لدى الأفراد المصابين سابقا بفيروس “الموجة الأولى”.
ومن أجل تحسين فهمنا للمخاطر التي يشكلها فرد أو طفرات مجتمعة في متغيرات “الموجة الثانية”، فقد أجرت مجموعة بحثية من شركة “ImmunityBio” في كاليفورنيا تحليلا حسابيا لتفاعلات بروتينات الفيروس.
وفي هذه الدراسة، استخدم الباحثون طرق محاكاة في المتغير الجنوب أفريقي سريع الانتشار وتأثيراته على ارتفاع تكوين البروتين السكري.
وكشفت الدراسة احتمالية تمكن المتغير الفيروسي الجديد من استبدال سلالات كوفيد-19 الأصلية.
وهذا هو السبب المحتمل لانتشار أسرع لهذا المتغير بسبب زيادة قابلية الانتقال، وهو السبب الرئيسي أيضا وراء أهمية تتبع هذه الطفرات والتصرف في الوقت المناسب.