بدأ عدد من المثقفين الأمريكيين يتأملون في تقييم ما فعلته الترمبية، كناية عن وعود المرشح ترمب خلال 2016، وما حققه وما لم يحققه الرئيس ترمب للأمريكيين العاديين خلال سنوات رئاسته الأربع التي ستنتهي بعد ثلاثة أسابيع.
يمكن تعريف #الترمبية بأنها أيديولوجية سياسية، أو صنف من الحكم الشعبوي الذي ينازع المؤسسة السياسية وحتى بنود الدستور ، أو حركة سياسية، أو مجموعة من الآليات التي تسعى لتكديس القوة وجمعها في يد الرئيس الأمريكي الخامس والأربعين دونالد ترمب. وتقوم هذه الترمبية على ثلاثة أضلاع: #القومية_والدين_والعرق.
وقد تناولتُ في كتابات ومحاضرات سابقة منذ 2016 ما أختزلُه في #ستة_أضلاع_نظرية تقوم عليها الترمبية، ومنها #الانعزالية_السياسية والتركيز على الداخل الأمريكي في ضوء إعجاب ترمب بالرئيس الأسبق جاكسون، و #الحمائية_الاقتصادية المستوحاة مما كانت عليه المركانتيلية في القرن الثامن عشر، و #معاداة_الأجانب والحد من الهجرة وفق نظرية صموئيل هانتغتون التي لوّح فيها بمركزية الرجل الأبيض واللغة الانجليزية وتفادي التعددية الثقافية والعرقية، كما جاء في كتابه “من نحن” الصادر عام 2004.
والسؤال اليوم: كيف استمال ترمب قلوب وعقول المزارعين والعمال والأمريكيين دون شهادة جامعية خاصة في ولايات العمق الأمريكي، أو من اختزلهم في خطاب تنصيبه يوم 20 يناير 2017، في عبارة The Forgotten Man “الإنسان المنسي”؟ وخلال عام 2020 ، عزز ترمب شعبيته بتأييد عدد من اللاتين، ذوي الأصول العرقية القادمة من أمريكا الجنوبية، خاصة جنوبي تكساس وفلوريدا. فهل تأييد ترمب يقوم على التحليل والتقييم العقلاني لوعوده وقراراته، أم أن هناك #اعتبارات_نفسية_أو_ذهنية تحفّز أنصاره على قبوله جملة وتفصيلا؟
تقول عالمة الاجتماع في جامعة بيركلي بكاليفورنيا آرلي راسل هوشيلد إن الترمبية تحيا فوق منطق السياسات العامة، وأنها توجد في مجال #مشاعر_السياسة أو dreampolitik realm of feelings. وتضيف هذه الباحثة مفهوما جديدا إلى القاموس السياسي dreampolitik مقابل realpolitik أو الواقعية السياسية التي تتوخى تكريس القوة وتحقيق المصلحة بعيدا عن سياسة القيم moral politics.
تضيف الدكتورة هوشيلد أن محاولة فهم مستقبل الحزب الجمهوري “تستدعي أن نكون علماء نفس سياسيين”. وقد نشرت كتابا بعنوان Strangers in their Own Land “غرباء في بلدهم” عام 2016، بعد دراسة ميدانية في ولايات ما يسمى الجنوب العميق Deep South من جيورجيا، ميسوري، تكساس، إلى أريزونا، حيث تنتعش النزعة اليمينية والتي أوحت للباحثة بأنها وجدت The Deep Story أو “القصة العميقة”.
وقفت أمام أمور ووقائع ساعدتها على فهم التطور الفلسفي في هذا الجنوب العميق حيث لم يظل انشغال المواطنين بقضايا الدخل وأهمية الإعفاءات الضريبية بقدر ما تحوّل إلى مسألة الهوية والعلاقة مع الأعراق الأخرى. وتقول “لقد شاهدت موضع قلقهم ينتقل من الميزانيات إلى الطبقة السياسية الراسخة و “المستنقعات”. وعاينت أيضًا التحول إلى الترمبية في كل شيء. كانت هناك حركة الشاي، والآن كل شيء ترمبي.”
تخلص هوشيلد إلى القول إن الترمبية ليست مجرد إكليل من مقترحات السياسة العامة التي يمكن لأي جمهوري آخر أن يلفها حول عنقه. وهي أكثر تعقيدًا من سمة شخصية، أو موهبة بقول أشياء لئيمة على تويتر. بدلا من ذلك، الترامبية #كوكب_عاطفي يدور حول نجم ترمب. وسيتطلب قطع الصلة بين ترمب والحيز السياسي الأفضل من الحزب الجمهوري إما اختفاء ترمب، وهو فرضية غير مرجحة، أو ظهور نجم أكبر من المقاعد الخلفية للحزب، وهو فرضية غير مرجحة أيضًا.
عند المقارنة بين ترمبية 2016 وترمبية 2020، تقول الدكتورة هوشيلد “كنت أفكر في #الهوية_السياسية على أنها شيء أقوى. والآن، أفكر في الهوية السياسية على أنها مثل المياه التي دائمًا ما تذهب إلى مكان ما، وتحتاج للتحرك إلى منحدر . لكن السؤال إلى أين تذهب يعتمد على مساحة الأرض والتكوينات الصخرية التي تقف في طريقها.”
بعد خسارة ترمب انتخابات الرئاسة الشهر الماضي والمرافعات القضائية ومعركة الرأي العام الآن، يبقى السؤال هل تستطيع المياه الترمبية المضي قدما بموازة الجبل!