قرطبة – محمد ملوك

0
59

تَتَأَلَّقِينَ وأنتِ محضُ سرابِ
يا عُمْرَ من تَـــرَكُوهُ طَيَّ كِتَابِ
صابٍ إليكِ ولازمانَ سوى الذي
تَسْتَغْفِرَينَ بهِ الزمانَ الصَّابي
هل كنتُ إلا عاشِقًا نادَيْتِهِ؟
فَخَلَعْتُ نَعْلِيَ واطَّرَحْتُ إهابي
عيناكِ أجملُ من أحاديثِ الأُلى
نظروا إلى عينيكِ دون حِجابِ
أنا أوَّلُ الآتيَن بعد غيابهم
ولعلهم آتون بعد غيابِ(ي)
لم أَلْق “صَقْرَ قُرَيْشَ” إلَّا ها هنا
منذُ افْتَرَقْنا عندَ “نهرِ الزَّابِ”
قَلَبُوا البلادَ ولاةُ أَمْرٍ فاتَهم
كـ”الْموصِلِيِّ” وليسَ مِنْ “زِرْيَابِ”
ظَهروا فَتِلك خيامُهم ؛شرقيةً؛
بِخيامِهِ محلولةَ الأطنابِ
سَأَلَتهُ قبلُ: أَلَم نَصِلْ؟ فَأجابها
بِسليقةٍ لَم تَعْيَ قبلَ جوابِ:
“الشامُ حاضرةُ الوجودِ بأسرِهِ
وَدمشقُ بَوصلةٌ بِلا أقطابِ”
بِفراقِها لَيَكادُ يكذبُ عَينَهُ
ما يكذبُ البيداءَ برقُ سحابِ
مُتَلَثِّمًا بِنهارِها، وَمساؤُها
كَنهارِها في خَطوِهِ الوثَّابِ
أحزانُهُ أصحابُه وَلَوَ اَنَّها
أهدى إلى وَطرٍ مِنَ الأصحابِ
ماأكثرَ الأحزابَ في آثارِهِ!
وَالقافلينَ سُدًى مِنَ الأحزابِ!
لَو أدركوهُ لَنَدَّ طائرُهُم بِهِ
أَو عاهدوهُ لَكانَ عَهدَ ذِئابِ
لَكنَّهُ مُلكٌ بِحجمِ حَنينِهِ
وَإِمامةٌ شاميةُ المحرابِ…
يا ليلَ “قُرْطُبَةَ” امْتَلأتَ كواكبًا
نَثَرتْ لآلئَها بِغيرِ حسابِ
أَحنتْ بِها الطرقاتُ لِي أَعناقَها
فَتَقَوَّسَتْ مِن دونِ ما احديدابِ
هِي ذي أَدلَّتُها على جَنَباتِها
في كُلِّ قِنديلٍ بِوهْجِ شهابِ
دارتْ فآلَ شديدُها لِأَشَدِّها
وَكَأَنَّما دارتْ بِأَسطرلابِ
تَزهو عَلى الأَرَبِسكِ في قزَحِيَّةٍ
وَعَلى الجِدارياتِ غَيرَ خَوابِ
ما زِلتُ مَفتُونًا وَأَيَّةَ فِتنَةٍ!
حَتَّى انتهى عُجبي إِلى إِعجابي
“الحاجِبُ المنصورُ “عادَ مُظَّفَراً
والزِّينَةُ احْتَفَلَتْ على الأَبْوابِ
أَقْصَى ممالكِهم أمامَ خُيُولِهِ
وكأنَّهُ سَيْلٌ أتَى من رابِ
مَنْ عَوَّدَ “الإفْرِنْجَ” أنْ يَتَقَهْقَروا
مُدُنًا ، وأنَّ ذَهَابَهُ لإيابِ
يا سيِّدَ الحُجَّابِ أنتَ(…)ومَنْ لهم؟
مِنْ طائشينَ كأَسْهُمِ الـمُرْتَابِ
مَنْ طاوَلُوكَ بمجْلِسٍ ما إن وَقَفْتَ
حَجَبْتَهم يا سيِّدَ الحُجَّابِ
أَو تُوِّجوا مِن بعدِ مُلكِكَ إِنَّما
أَلقابُهم ليستْ سِوى ألقابِ
عَتَتِ الرياحُ فَشابَهتْ أصواتُهم
صَوتَ انحناءِ الجِذعِ لِلحطّابِ
قارَبتُ أُحصيهِم وَلكن هالَني
عَددُ الطوائفِ في المدى الكَذّابِ
يَتَطَيَّرونَ مِن البوارحِ بَينما
في ظهرِ أَيمنِهم جناحُ غُرابِ
آراؤُهم شَتَّى فَأينَ صوابُها؟
يومَ الجميعُ مهادِنٌ وَمُرابِ!
لَبِسوا الدروعَ وَطالَما بِدُرُوعِهم
وَضعوا السيوفَ مواضعَ الأسلابِ
في هؤلاءِ لمحتُ أبعدَ مِن غَدٍ
فَعرفتُ أنَّ الدهرَ ليس يُحابي
فِي مَن تُنادِي يا” ابْنَ رشدٍ”؟
إنَّهم لو صَدَّقُوكَ لَصَدَّقوا “الفَارابي”
قلبي الـمُعَلَّقُ كالثُّرَيَّا ليسَ لي
كدَمِي الـمُراقِ لهذه الأَنْصَابِ
ما كانَ للعربيِّ بعدَ “مُحَمَّدٍ”
أنْ يَقْتَفِيهِ بـجَفْوَةِ الأَعْرابِ…
أصبحتَ يا تاريخُ صاحبَ غيرِهم
وهَجَرتَهم هجرًا بغيرِ عِتابِ
اليومَ أندلسانِ: في إحداهما
أبني قبابًا في ظلالِ قِبابِ
وتردُّني الأخرى إلى أطرافِها
فأسيرُ والبركانُ تحتَ ثيابي
سأموتُ موتةَ ثائرٍ أو عاشقٍ
ما دمتُ في سببٍ من الأسبابِ
أَتَقَبَّلُ الدنيا كأيِّ مُحَارِبٍ
وأَخِرُّ مَرَّاتٍ كأيِّ مُصابِ

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here