صغار على كف عفريت – نجاة تقني

0
553

سمعتْ صوت صراخ في الخارج، هرولت وراء فضولها.. نساء ورجال وأطفال وشرطة وإعلاميون يقفون أمام العمارة التي تسكنها. تسللت ووقفت أمام أحد الإعلاميين لعل كاميرته تلتقط صورتها. ابتسمت للمصور.. لم تفهم لماذا كل هذا الحشد من الناس.. رجعت إلى بيتها.. وبحثت عن القناة التلفزيونية لعلها تشاهد صورتهاواقفة مع الإعلامي.. لكنها شاهدت ما جعلها تفقد بصرهاوصوتها!! شاهدت صورة طفلتها المغتصبة!! شاهدت الإعلان الآتي في التلفزة:
“عثر على طفلة قرب شجرة الزيتون الموجودة في قرية (المنسي)، يحتمل أن همجيا اغتصبها!! المرجو من عائلة هذه الطفلة الاتصال بنا!!!”.
كانت هذه آخر صورة تراها عيناها!!! فقدت بصرها بعد سماعها الخبر!!! أرادت الصراخ لكن أحبال صوتها تجمدت!!! إحساسها بإهمالها لطفلتها المسكينة!!! وتأنيب ضميرها، جعلاها تُحَمّل نفسها مسؤولية اغتصاب ابنتها.. أرادت أن تعلن للعالم أنهاالمذنبة!!! وأنها من سلمت طفلتها للهمجي!!!
همس لها طيف بداخلها: ” لا تحملي نفسك ما لا تستطيعين تحمله!!! أين أبوها؟ هل علم بما حصل لها؟ وهل يشاركك تربية أبنائكما؟ وأين قانون حماية الأطفال؟ وأين القانون الإنساني؟ وأين.. وأين؟..”.

بعد هذه الجريمة وجرائم أخرى، اكتفى الإعلاميون بكتابة مقالاتهم الجوفاء:
“يُغتصب أو تُغتصب.. فيعيش الطفل طول حياته معاقا!! جسدياونفسيا!! يحمل معه ذنب تواجده في المكان الخطأ والتوقيت الخطأ!! أما مرتكب هذا العمل المشين، فهو حر طليق، يرتكب جرائمه الواحدة تلو الأخرى!! يقطف الأزهار ويحرق الحقول!! ولا أحديتجرأ على توقيفه!! الكل يقف بعيدا، يشاهد العجب، يشارك في حوارات فارغة، وينقل نصف أخبار لا تغني ولا تسمن من جوع!!
ليست كورونا من ستقطع الرحم وتقتل الكثير من بني آدم!! إنها الأخلاق الميتة التي حطمت أسنان البشر، فأعجزتهم عن قول الحق وتطبيقه!! إنها الإنسانية التي فقدت بوصلتها وتاهت في منتصف الطريق!! إنه الإنسان الذي هجر واقعه الحقيقي وسافر إلى عالم افتراضي، اخترع آلة صغيرة كي يتمتع بالرفاهية، لكن اختراعه كان أذكى منه، فأصبح عبدا لاختراعه!!
اغتصاب.. حروب.. قطع رحم.. مخدرات.. وأخيرا حجر صحي. سجن أبدي فرضته جرثومة صغيرة على مخلوق كبير!! فرض الفيروس وجوده على من ميزه الله بالعقل. فهل انتهت صلاحية العقل؟ أم أنه الدهر السَبَّات؟”.

قرأ هذا المقال آلاف الناس.. ونسوا مضمونه ونسوا الجريمة التي وقعت بعد أن حان وقت مباراة كرة القدم. ففوز فريق برشلونة أهم بكثير من معالجة قضية يعاني منها من لا حق له!!!

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here