الطلاب لاكوه ثم لفظوه __ الشاعر زيد الطهراوي

0
173

الطلاب لاكوه ثم لفظوه :

   شيخ فقيه متعمق؛ علَّم طلابه كل نافع، وسقاهم من عصارة المنابع، فأحبه الجمع الغفير، وتناوبوا على سؤاله عن كل كبير و صغير.
لقد علمهم الأحكام الشرعية باجتهاد وتعمق ووفاء، ففهموا منه الواجب والمندوب والحرام والمكروه والمباح بمحبة وإصغاء.
وقد ألَحَّ عليهم في وجوب العمل بالسنة النقية، والابتعاد عن كل محرّم فهو الشقاء والبلية، وكان لهم نعم القدوة في التطبيق، فكان يشبه الزهرة في الجمال والعبق والرحيق.
وكان من جملة ما شرحه لهم بسخاء؛ عدم جواز الاجتماع بعد وفاة الميت في بيوت العزاء، ففهموا منه ذاك وطبقوه،
وأخذوا درسه المُوَثَّق وأذاعوه.
وفي يوم من الأيام مات والد الفقيه الحبيب؛ فكان صابراً محتسباً ولم يستسلمْ للنحيبْ، ولكنه اضطر لإحضار الكراسي الكثيرة، تأليفاً لقلوب إخوانه ومنعاً للبلبلة والحيرة، فهو فقيه نبيه بلا خلاف، ويعرف الضرورة وتسلط العادات والأعراف، فهو يريد فض المشكلات ، وتعميق المحبة في جذور القرابات.
وعندما سمع طلابه النجباء، غضبوا وصبوا عليه كلمات رعناء، فتألم الفقيه من أحوالهم، واستغرب من تسرعهم في أقوالهم وأفعالهم، ولام نفسه لأنه لم يعطهم كل شيء عن الدين؛ ولم يشرح الحالات التي جعلها الشرع رخصة للمضطرين.
أما طلابه فقد لاكوه ثم لفظوه، ولم يقبلوا عذره ولم يفهموه، لقد قدَّم لهم على طبقِ قلبهِ كلَّ مفيد ثريّْ، ولكنهم خذلوه حين عزَّ الصديق الوفيّْ.

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here