من يوميّاتي مع كورونا في شيكاغو “49” __ هناء عبيد

0
360

من يوميّاتي مع كورونا في شيكاغو
فرح فيسبوكيّ
٤٩

   لا أتابع التّلفزيون منذ أن أصبحت أخبار بلادنا أكثر قتامة؛ ولدنا ونحن في نكبات ونكسات؛ كانت قضيّتنا واحدة ثمّ تشعّبت، فتهنا معها، وازدادت أخبارنا قتامة، بات التّلفزيون ينقل بطولات المجرمين؛ كاذب هو وأخباره.
الدراما الّتي كنّا نتابعها على شاشاته، كانت تلمّ العائلة؛ أصبحت تكذب أيضًا؛ روحها لا علاقة لها بأرواحنا، بتنا نرى فيها مجتمعات بعادات وتقاليد لا صلة لنا بها؛ كان أمرًا طبيعيًّا أن نهجر التّلفزيون.
أصبحت وسائل الاتّصال الاجتماعيّة هي البديل؛ فهي مصدر إعلامنا، ليس لأنّها أكثر صدقًا بل لأنّها أصبحت كلهّاية الطّفل، وكسيجارة أدمنها مدخّنها، الفيس بوك تحديدًا أصبح إدماننا الأعظم؛ ولعلّ جائحة كورونا عزّزت هذا الإدمان بعد الانغلاق العالمّي الّذي حبسنا في كرة تمتلئ بفيروسات مميتة.
في عالم الفيس بوك تتضح عوالمنا، شخوصنا، أخبارنا، فكرنا، كذبنا، مجاملاتنا، حياتنا، خصوصيّاتنا.
صفحات الفيس بوك هذا اليوم وفي فرح نجاح طلّاب إحدى البلدان المكلومة، امتلأت بالتّبريكات، وانفجرت بالمفرقعات والألعاب النّاريّة، قد يكون من الطّبيعيّ أن تنتشر الفرحة في صفحاته بعدما أصبحنا نعيش في عالم ينشر الفرح والحزن على الملأ، ولكن ليس من الطّبيعيّ أن يكون الفرح غريبًا، عجيبًا، مستهجنًا، فبلدان يشكو معظم سكّانها من الجوع والفقر، يصبح من عجب العجاب أن تحرق أموالها على مفرقعات تتحول إلى أدخنة في الهواء.
نعم لقد أصبحنا من بلدان العجائب، ولو أنّ أليس غيّرت وجهة بوصلتها قليلًا والتقت ببلداننا؛ لوجدت أمورًا أكثر عجبًا من البلاد الّتي صادفتها، ولربّما حمل عنوان قصّتها “أليس وعجب العجاب في بلدان العربان”
ما أجمل الفرح وما أبشع المظاهر!
ما أجمل البهجة! وما أبشع وسيلتها حينما نخطئ الاختيار!
افرحوا، ابتهجوا ولكن لا ترهقوا أنفسكم في سبيل مظاهر كاذبة، وكما قال أجدادنا :
“على أد فراشك مد إجريك”
دمتم بفرح وبهجة..

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here