يوميّاتي مع كورونا في شيكاغو “46” __ هناء عبيد

0
264

يوميّاتي مع كورونا في شيكاغو
شؤون صغيرة
2020/07/05
٤٦

   شؤون صغيرة، قد لا تعني شيئًا للبعض، لكنّها قد تحمل معانٍ كبيرة لمن لامست قلبه ووجدانه، شؤوني الصّغيرة اليوم تختلف عن شؤون حبيبة نزار قبّاني في قصيدته الرّقيقة “شؤون صغيرة” الّتي رصد فيها بذكاء عميق، الشّؤون الصّغيرة الّتي ربّما لا تعني له الكثير، بينما تعني لمحبوبته باعترافها الكثير الكثير، تقول برقّة ودلال:
“شؤون صغيرة
تمر بها أنت .. دون التفات
تساوي لدي حياتي
جميع حياتي..
حوادث .. قد لا تثير اهتمامك
أعمر منها قصور
وأحيا عليها شهور
وأغزل منها حكايا كثيرة
وألف سماء..
وألف جزيرة..”
قصيدة جميلة طالما قرأتها، تذكّرتها اليوم وأنا في رحلتي اليوميّة الّتي أهرب من خلالها من كابوسنا اليوميّ”كورونا البشعة”
لم أتوقّع يومًا أن أضع الكتاب جانبًا، وأتابع شؤونًا هامشيّة صغيرة لم أعتقد يومًا بأنّها ستأخذ مساحة من متابعتي.
عصفور يقف أمام أوراق متشابكة لشجيرة صغيرة، يبدو كأنّه متأهّب للهجوم، جعلني أخشى الاقتراب، تسمّرت مكاني أراقبه عن بعد، بين الأوراق المتشابكة انطلقت تغاريد طير أو ربّما طيور، أظنّ هناك عشٌّ بني حديثًا، لكنّ الفكرة غادرتني حينما طار الطّير بعيدًا، عدّت أنبّش بين الأوراق علّني أجد طيرًا، لكن عبثًا لم أر شيئًا؛ عاد الطّير ثانية وفي فمه طعمًا صغيرًا، دخل بين الأغصان ثمّ بعد لحظات طار بعيدًا وقد تخلّص ممّا كان في فمه.
الغريب في الأمر أنّ الهدوء ساد المكان ولم أعد أرى الطّير بوضعه الهجوميّ، مسلسل تمّ بنهاية مفتوحة كما هو الحال بحياتنا.
الغريب بالأمر، أنّني انتهيت من مراقبة الطّير لأبدأ بمراقبة السّنجاب، أضع البذور للطّيور فيزاحمها السّنجاب، ويأخذ منها نصيبه، في البداية كان يخشى أيّة حركة منّي؛ فمجرّد أن يحسّ بتنقّلي كان يختفي وراء الشّجر، مع المدّة تعوّد على تواجدي، بات يقترب منّي وأنا أهرب، فأنا أخشى الحيوانات بأنواعها حتّى الأليفة منها، بكلّ الأحوال وجدتّ في متابعة عالم الحيوان سلامًا ووئامًا افتقدتّهما في معظم البشر، معه ابتعدتّ عن أرقام الإصابات المرعبة بفيروس كورونا اللعين.
قد لا تعني هذه الشّؤون الصّغيرة شيئًا لأحد، لكنّها ملأت يومي بهجة وحياة، عسى أن تعود البشريّة لطبيعتها الإنسانية ثانية..
غدًا أجمل بإذن الله.

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here