“لا عكاز للحياة ٠٠ !!”
الشاعرة والتشكيلية العراقية أسماء الرومي – ١٩٧٨ م :
” لا أملك شجاعة الماء
لأشق طريقي بعيدا عن النهر
حين تخونني الضفاف
حبيسة بقيت
أزرع المناديل في حدائق العمر
أسقيها الدمع بسخاء
وأحلم
أن تنبت حمائم ذات صحو ” ٠
======
من أرض الرافدين بالعراق، ومن مدينة البصرة الصامدة، والتي تعج بالثقافات المتداخلة، ولوحة المربد الشعرية، وظلال النخيل، وشط العرب، متجولا بين فراديس القصيد مع روائع المرأة العربية الشاعرة ٠٠
بين عبقرية الزمان والمكان، حيث ولادة هذا الإنسان على ضفاف الشط الجميل؛
نتوقف مع الشاعرة، والفنانة التشكيلية، زهرة البصرة الفيحاء ” أسماء الرومي “، صاحبة فلسفة الجمال تحت مجهرها التأمل ( ما لا يشبهني ٠٠ !) ٠٠
ابنة قضاء أبي الخصيب التي نبتت في حضن النهر ونخيل شط العرب ٠
امتداد لثورة الشعر بين أبي نواس حتى بدر شاكر السياب٠
فهي عاشقة لقصيدة النثر والومضة مع حركة التطور الإبداعي الفني، وأسماء دواوينه الشعرية تحمل دلالات جمال الفلسفة التأملية، وتحتاج إلى وقفات تختصر مسافات الحياة الاستثنائية ٠٠
هكذا كانت الانطلاقة من أعماق مشاعرها، التي تفيض وتشرق بالخيال الخصب، في تلاقي الروافد الحالمة، في تفاؤل متمدد مع الأفق ٠٠
أليست هي القائلة عن التجديد شكلا ومضمونا لوجه القصيدة العربية ٠٠ :
أبي لا تعجبه قصيدة النثر، لا يزال يردد أبيات امرئ القيس كاف وكفكاف وكفي بكفها .. ولهذا لا نصيب لقصائدي عنده ربما…
======
لولا التيه
ما تجسد للوجود معنى
ولولاك
ما اقترفت كل هذا الضياع) ٠
* نشأتها :
********
ولدت الشاعرة و الفنانة التشكيلية أسماء الرومي
عام 1978 م بقضاء أبي الخصيب ، بمدينة البصرة العراقية ٠
خريجة بكالوريوس آداب إنجليزي، كلية شط العرب الجامعة٠
عضو الاتحاد العام للأدباء والكتاب العراقيين، شاركت بالعديد من المهرجانات والورش الأدبية منها :
– مهرجان نازك الملائكة الرابع المقام في جامعة البصرة؛
– مهرجان نون النسوة في اتحاد الأدباء في البصرة؛
– مهرجان جواهريون الأولى في بغداد؛
– مهرجان المربد في دورته الثانية عشرة وغيرها..
-الورشة الألمانية في الكتابة من أجل الحياة عن كتابة الشعر؛
-الورشة الألمانية في الكتابة من أجل الحياة عن السرد.
كما نشرت قصائدها في العديد من الصحف الورقية والمواقع الأدبية الإلكترونية.
طبع ونشر لها :
– (معبد الذاكرة ) مجموعة شعرية الصادر عام 2015عن دار ضفاف في الشارقة للطباعة والنشر؛
– (ما لا يشبهني ) مجموعةشعرية الصادرة عام 2017 عن دار امل الجديد في دمشق للطباعة والنشر؛
– ( لا عكاز للحياة ) مجموعة شعرية الصادرة عن دار كيوان؛
– (جنوب يبتكر المطر) مجموعة شعرية مشتركة من شعراء البصرة الكبار، إصدار اتحاد أدباء البصرة؛
– (شاعرات من البصرة) مجموعة شعرية مشتركة مع شاعرات بصريات .. إصدار اتحاد أدباء البصرة؛
– (بصراويات) مجموعة مشتركة، طبعت ووزعت في المغرب العربي؛
ومجموعة جاهزة للطبع ..
مختارات من شعرها :
=============
هذه قصيدة تحمل اسم ديوانها ( لا عكاز للحياة )، حيث تصل أن الحياة متطورة ذات حركة تضاد ، فتقول أسماء الرومي فيها :
لا عكاز للحياة
بيتُنا الذي بناهُ أبي
من خشبٍ وبردي
كان واسعا
واسعاً جداً
بغرفةٍ واحدةٍ
وفناء ضيق لا غير
واللحافُ الذي يُغطينا
يحلقُ كلما اتسعت
حكاياتُ جدتي
لم نشعرْ يوماً بالبردِ
حينَ ذاك
ما كان الليلُ طويلاً
و الصباحاتُ ليست شاحبةً
لا عكازَ للحياةِ
ولا تجاعيدَ
ذات مرةٍ اصطحبتني أمي لجارتِنا
تلكَ التي بيتُها من طين ٍ
فطرحتُ الكثيرَ من الأسئلةِ
و لم تجبني على
أيٍّ منها
فقط كانت تضحك
وأنا الآن
بلا أسئلة.
======
ثم نتأمل هذه القصيدة لأسماء الرومي، والتي تحمل عنوان ديوانها الشعري الأول بعنوان ( ما لا يشبهني )، فهي ترى عين الحقيقة في تباين، حيث سيمات وخصائص وطبائع الأشياء من منظور وقناعة كل فرد :
لكَ أن تختار
ما يشبهك في هذا العالم
سيارة
ربطة عنق
نظارة شمسية
أي شيء
ولي أن أختار بما لا يشبهني
ذاك الذي لا بد أن يشبهك ٠٠
======
ونختم لها بهذه المقطوعات ( الومضة )، التي تترجم ملامح شخصيتها في عفوية، تختصر مشهد الحياة في إيمان بالبحث عن معالم الحقيقة الغائبة أمام صدى الصراعات، فتقول شاعرتنا المبدعة أسماء الرومي :
أنا ابنة الماء
وربيبة النخيل
فلا تعجبوا لكل هذا الحزن
* أنا حفيدة شاعر
حمل الوطن معه كافورا
أستعيذ به كلما
روادني حلم
*أنا بحة ناي
ونغم هدير
دعوا الأهوار تتشبه بي
*أنا طاعنة المرايا
وجديرة بالخيبات
لذلك لا أصلح
إلا
للصمت.
======
وتنتقل بنا نحو مشهد آخر، بين تصريح وصمت في فلسفة تضاد، لتثبت خلاصة ماهية الأشياء بين غربة وارتحال :
أود أن أستثمر صمتي
أدفع نصفه للباعة المتجولين
وللنساء الثرثارات
ولقطة تموء في الجوار
لعله يغنيني ببعض الطمأنينة
إذا ما اشتريت بثمنه
قليلاً من التمرد
وحبة لا مبالاة
وقنينة سم صغيرة .
هذه كانت قراءة سريعة لقصيدة الشاعرة العراقية أسماء الرومي، ابنة النخيل وحفيدة مربد الشعر الجميل، التي تربت بين ظلال وثقافة مدينة البصرة الخالدة دائما.