يومياتي مع كورونا في شيكاغو “38” __ هناء عبيد

0
317

يومياتي مع كورونا في شيكاغو
“نعمتي”
2020/06/08
٣٨

أتخيل نفسي وأنا أحدثها والكمامة تخنقني، وكذلك الحال معها، كيف لي أن ألمح سعادتها التي تنتقل لي تلقائيا حين أشاهد ابتسامتها؟!

الحظر انتهى في شيكاغو، لكن لم تنته الإجراءات اللازمة لقهر هذا الفيروس اللعين، أعداد الإصابات ما زالت في تزايد، علينا لبس الكمامة حتى عند زيارة أحبتنا، ستختبئ الملامح وراء تلك الكمامة، لن أنعتها باللعينة فهي صديقة الأطباء، وقاهرة الفيروس.

فك الحظر يعني لي فتح أبواب السماء، أستطيع الآن زيارتها، فهي باب الأمل والبسمة ومنفذ السعادة.
يقولون لكل منا نصيب في اسمه، ولي نصيب من اسمها “نعمتي”، اسمها نعمتي وهي فعلا نعمتي، ابنة عمي وصديقتي الّتي يبتسم الثغر لمجرد ذكر اسمها.

المسافة قريبة بيننا، فالقلوب المتحابة لا تفصلها المسافات، أما البعد الجغرافي فلا يفصلنا كثيرًا أيضا، هي تعيش في جنوب شيكاغو وأنا في شمالها، أحتاج إلى ساعة من الزمن سياقة في السيارة لزيارتها، لولا المشاغل لكانت زيارتي لها يومية، ألم يقولوا “الرجل تدب مطرح ما تحب”.

اليوم تحدّثنا عبر كاميرا المسنجر، ضحكنا كثيرًا، روحنا المرحة لا تسمح للأحزان بأن تعكّر صفوها، وإن فعلت فلا بد أن نجد مسربًا للسّعادة، الغربة عامل مشترك بيننا، نقضي على وحشتها بأحاديثنا العابرة الدافئة.
كانت “نعمتي” الصديقة المقربة حين وصلت إلى شيكاغو قبل أكثر من عشرين عامًا، رمز العطاء هي، رافقتني لإتمام كل معاملاتي الرسميّة اللازمة مثل الحصول على الرقم الاجتماعي والهوية والرخصة، صحبتني إلى كل المحلات التجاريّة، كنت رفيقتها في كل رحلة. يبدو أن شهر سبتمبر ونفس العام الذي ولدنا فيه، كان لهما دورهما في خلق صداقة متينة لم ولن تمحوها الذاكرة يومًا، فرغم ابتعادنا في فترة ما بسبب ظروف الحياة، إلّا أنّ المسافة لم تستطع نثر غبارها على قلبينا.
نعمتي، مصنع سعادة، تجعل من كل لقاء بهجة، في أحد زياراتي لها، فاجأتني بإعداد قدر من ورق الدوالي لي ولعائلتي، فهي تعلم بأنه وجبتي المفضلة وتعلم أنني في تلك الأوقات، لم يكن لدي اهتمام في إعداد الطعام أوقضاء وقت في إعداد الوجبات التراثية.
شعورها يقتنص أسباب سعادة الآخرين، فتسارع بإهدائهم وردة من حب.
حقًّا ما الحياة دون أحبّة؟
ما الحياة دون بهجة يختلقها الأصدقاء؟!
ما الحياة دون هؤلاء الذين يصنعون من كل لحظة فرحًا؟!
الحياة حب، عطاء، إيثار..
سيكون لي لقاء مع “نعمتي”  فالبهجة لا يطيب العيش دونها..
سيكون لنا لقاء دون كمامة، سنسعد بملامحنا الباسمة!

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here