جائحة كورونا فرضت بالملموس وطرحت نقاطا أساسية وإشكاليات تخص الجالية المغربية أو مغاربة العالم، كانت قبل أمس القريب غير متداولة علانية ولم يلقَ لها بال، حتى اصطدم بها بعض إخوتنا وأخواتنا من الجالية. لذلك علينا أن نمتلك الجرأة والشجاعة لطرحها في المديين القريب والمتوسط على المسؤولين وممثلي الجالية في المجالس الدستورية منها المجلس الوطني لحقوق الإنسان. هذه المشاكل يجب تفكيك عقدها بالحوار الهادف في دراسات، وفي نقاشات صريحة واضحة مستقبلا بعد مرور الحجر الصحي وحالة الطوارئ، فلابد من طرح قضية ذوي الجنسيات المزدوجة على الطاولة بروح من المسؤولية والإنصاف، مع كيفية معالجة هذه المسألة بالتراضي وليس بالضغوط والحرمان، مع إعطاء المعني بالأمر حرية الاختيار والتنقل دون عراقيل ولا مضايقات مادامت دول الإقامة لا تمانع ولا تعارض في ذلك.
إن ما ترتب عن وباء كوفيد 19 من وفيات في أوساط مغاربة العالم بالخارج وما عانى منه ذوي الموتى بسبب إغلاق الحدود الجوية الطارئة، يلزم الجالية أن تفكر في حلول بديلة تخص الدفن في مقابر إسلامية بدول الإقامة حتى لا تتكرر هذه المآسي، وما حالة الطوارئ الصحية الأخيرة والآلام المعاشة إلا درس بليغ لمن يريد أن يتعظ، فلابد من المساهمة مع الجاليات الإسلامية الأخرى التي سبق بعضها إلى هذا الحل، ولها تجارب متميزة في إنشاء مقابر للمسلمين وشراء أراضي للدفن، في إطار شراكات مع الجمعيات الإسلامية وبين السلطات المحلية في دول الإقامة، وبتعاون مع وزارة الخارجية ووزارة الأوقاف المغربية، مما يمليه التفكير في طرق وكيفية الدفن في المهجر، ودور التأمين وآلياته في هذه الإجراءات بالخارج.
مصيبة كورونا ثبّتت ضعف وهشاشة اقتصاد الجمعيات الإسلامية التي غالبيتها تتكل على الصدقات والإعانات، مما يستدعي أن تكون لها رؤية وتصور واضحين حول كيفية تمويل وصرف مستحقاتها ومستلزماتها. هذا يعني من المستحيل أن تستمر في هذه المنهجية المتبعة منذ عقود، وما عليها إلا أن تستفيد من الكنائس والمعابد الأخرى في إنشاء مشاريع اجتماعية، صحية، ثقافية، رياضية، حتى لا تكون عالة على المجتمع، ثم لتكون لها بصمة قوية في الحياة العامة، إذا لابد من الاستثمار ودخول فضاء التجارة وتجارب أخرى لتكون لها مردودية للرفع من ماليتها والترقي اقتصاديا، تجعلها لا تمد يدها لغيرها وتجعلها عزيزة بنفسها وذات تصبح قوة فعالة يسمع صوتها.
إن ما حدث أخيرا من تخبط في قرارات تخص العالقين المغاربة في الداخل والخارج يحتم إعادة النظر جملة وتفصيلا في السياسات المتبعة في ملفات مغاربة العالم، منها ما يخص طريقة التعامل مع المستجدات، ثم إن دمقرطة الهياكل التنظيمية التي تمثل الجالية قد اصبحت أولوية وحتمية يحتمها الواقع بأن تكون أكثر ممارسة وشفافية، ثم استجابة للمطالب المطروحة ودفاعا عن طموحاتها المستقبلية.