Home Slider site كوفيد 19، بين سلطة الواقع وحتمية التغيير – د. نور الدين الوكيل
اِنقسم العالم إلى علماء ومنظرين والبعض الآخر إلى محاربين في الصفوف الأمامية لا وقت لديهم للمناظرة، ثم هناك المكذبون الذين يعتبرون أنفسهم أذكياء أكثر من غيرهم وأن كوفيد 19 ليس سوى أكذوبة.
نفتح مواقع التواصل لنصادف الأخبار الحقيقية والزائفة والعديد من التسجيلات الصوتية أو الصور التي تؤرخ لحقيقة الجهل أو الهمة أو الألم، أو لروح النكتة التي تستهتر بالفيروس وتجعله مادة للضحك.
توالت الإجراءات، كان أهمها الحجر الصحي، وعلى الرغم من عدم الالتزام به بما يكفي إلا أنه خلق عادات لدى المواطنين كانت بالأمس القريب صعبة التطبيق في مخيال المغاربة بشكل خاص، ليتغير فجأة المعيش اليومي: التعليم عن بعد، العمل عن بعد، وقت الخروج محدد بضوابط وبارتداء كمامة واقية، وبورقة إذْن خاصة.
تحولت الحياة داخل البيوت، أصبح العديد مضطرا لإعلان السلم الاجتماعي وعيشه مع نفسه حتى يستطيع التعايش مع غيرهم.
كان لنا الوقت الكافي لنفكر مليا في ما عشناه وما نعيشه، أصبح الموت قريبا منا لدرجة أصبحنا نتقبل فكرة أنه يحوم حولنا أكثر من أي وقت مضى، قاطعنا الأهل والأحباب ولم تعد لنا سوى وسيلة التواصل الرقمي المقتصر على المقربين الذين نحبهم فقط، ونحترمهم ونتبادل السؤال معهم، أصبحت دائرة المعارف محدودة.
ارتفعت نسبة التضامن والحس الإنساني لدى الكثيرين لكن هذا لا يمنع وجود المتملقين.
اتخذت الدولة مجموعة من القرارات التي كنا نطالب بها ونتمناها سنوات قبل كورونا، لكنها كانت تتخبط في ردهات البرلمان وأرشيفه، ليجعلها كورونا واقعا حتميا تحقق في ليلة وضحاها من قبيل إعالة ذوي الدخل المحدود، وإعانة المقاولات الصغرى والمتوسطة والتي كانت تتخبط في الصعوبات.
هي مرحلة تاريخية، تحول، إجراءات مميزة لا ينقصها سوى شعب في مستوى ما ينتظر منه. لكن للأسف سنوات من التفاهة وصناعة الجهل لا يمكن إلا أن تكوّن فئة يمكن تصنيفها العدو الأول لوطنها ولنفسها قبل كل شيء.
هي فرصة تاريخية وذاتية أولا لنقرأ ذواتنا ونتموقع داخل هذا العالم، وهو زلزال حرك العالم، ليتيح لنا فرصة قلب عدد من الموازين.
فهل سنغير ونتغير؟ أم سنبقى في خانة المرسوم لنا سلفا؟ هل سنتحمل؟
هل سنعيش كيفما حدد لنا أن نعيش ومثلما أرادنا الآخر أن نعيش، أم سنستيقظ لنفهم أنه لا ضير في المغامرة، ولنتخذ الخطوة بناء على اختيارنا بدل أن نجد أنفسنا كراكيزَ في هذا العالم، يقوم الآخر بالتلاعب به كيفما يشاء.
هل سنتقبل أن يكون الآخر جحيما، أم أننا سنتخذ القرار لنحدده وفقا لتصورنا.
كوفيد 19 محطة حافلة بالجديد، بالمغامرات بالتغيير، منها السلبي لكن الإيجابي حاضر وبقوة.