Home Slider site كيف حارب المغاربة النبي محمدا (ص) في زمن الكورونا؟ – أحمد حضراوي
ليس صحيحا أن ما أخرج المغاربة في مدن مغربية عدة أهمها طنجة وسلا وفاس هو التدين في تحدٍّ صارخ لتوجيهات الدولة بالتحرز من داء كورونا والتزام البيوت، بل لا يمكن أن يخرج هذا التصرف المشين عن إطار الجهل واللعب ليس بأرواح العائلة والحي والشارع والمدينة فحسب، بل وبأرواح المغاربة ككل.
هذا الجهل المركب والمغلف بالتدين والدين منه براء، سواء كان الدين الإسلامي الحنيف أو بقية الأديان السماوية: اليهودية والنصرانية، أو أي ديني وضعي آخر من قلب آسيا حتى أعماق أدغال الأمازون مرورا بصحراء إفريقيا وسهولها وهضابها وصحرائها، يدل على أن هناك شرخ عميق في هوية المغاربة الدينية، والتي حتى وقت قريب كنا نحاول تبرير تجلياتها والدفاع عنها في وجه الهجمة الشرسة التي تعرض لها التدين المغربي من أبناء العلمانية غير الشرعيين من بني أوطاننا وجلدتنا، -وما زلنا ندافع عنها مرغمين-، لكننا نخص بدفاعنا التدين المتأصل العقلي الذي أساسه القرآن والسنة، والذي وضحه وبيّنه العلماء الربانيون الذين جعلوا العقل والحبر وسيلة لتقريبه من فطرة الناس لا من الاسترزاق بإيمانهم والاستغناء بما تلوكه أنفسهم تجارة خاسرة.
في الوقت الذي تَشيد فيه جامعات عالمية أمريكية وأوروبية بسبق المسلمين إلى فكرة الحجز الصحي في البيوت، تطبيقا لأحاديث نبوية شريفة، عمل بها خلفاء راشدون تفشى الوباء والطاعون في زمنهم (عمر بن الخطاب رضي الله عنه مثلا في طاعون عمواس)، واتبع اجتهادهم ذلك ملوك صالحون، بل وحتى حكام جاوز حكمهم العدل المفترض إلى شبهات الجور والظلم، في هذا الوقت الذي أصبح العالم الحر يعود إلى تأصيلات إسلامية في مستجدات وبائية تهدد سلامة الإنسان عامة فوق كوكب الأرض، وفي الوقت الذي كان يمكن أن نكون مضرب مثله في الاستقامة والامتثال لأوامر ونواهي النبي صلى الله عليه وسلم، فنجعل منه حقا كما وصفه القرآن: “رحمة للعالمين”، وفرصة لأن يعود العالم كله لتدارس سيرة وأوامر ونواهي هذا النبي الإنساني الذي أنقذ الإنسانية جمعاء من وباء لم تشهد له الإنسانية مثيلا، نأبى بجهلنا وجهل وغباء من جعلوا من أنفسهم سدا حائلا بيننا وبين سنة نبينا صلى الله عليه وسلم، إلا أن نزكي نظرتهم النمطية إلينا بأننا أمة الجهل والغباء والاتكال وانتظار الآخر، وأمة التأويل الخاطئ لكل نص ديني واضح وبيّن.
صدق من قال بأننا أمة كلها علم وكلها جهل، تترك مصادر النور التي وهبها إياها الله سبحانه وتعالى، لتتبع ظلام جهلتها الذين لم يعرفوا من دينهم بعد إلا السراويل والتهليل والتكبير.