Home Slider site في ضيافة عبد الله بوصوف، من ذكريات معرض الكتاب 17 – أحمد...
صورة، مجرد صورة، هي كل ما يريده مجلس الجالية من كل هذه التمثيلية الرديئة الإخراج، أن تُركن صورتك في أرشيف سجل مدعويه، أما أفكارك التي من المفترض أنك تقاسمتها معه ونوقشت فيها، وشرحت ثنايا خفاياها لسادن معبده فتلك قضية أخرى. تؤخذ منك بنات أفكارك وتفاصيل مشاريعك التي اشتغلت عليها لأيام وأشهر طويلة، ورؤاك، لكن لا لتسجل باسمك في كتاب الشرف، بل لتدخل في أرشيف من لا وقت لديه حتى للتفكير في شيء غير السلطة والمال، وهو الذي يزين جدران مكتبه بشهادة دوكتوراه، مثلما يزين الكثير من نجوم الفايسبوك حيطانهم بشهادات دوكتوراه فخرية.
كان كل شيء قد بلغ تمامه، وكان من الأجدر أن يودعنا من دعانا واستقبلنا ولو مجاملة، فقد انقضت المدة التي خصصت لنا أقصد نحن أعضاء الرابطة الأوروعربية للثقافة والفن، غير أن الرجل وكامل جهازه قد تبخر، لأشياء أخرى تغنيه، وهي نفس الملاحظة التي لاحظناها في الندوة قبلها، ولاحظها معظم المدعوين معنا. غير أنه كان دائما يرفع حرج غيابه ليس بترك ممثل عنه في مثل هذا المقام، بل مديرة استقبال مغاربة العالم شخصيا «حرمه».
لم يفوت أصدقائي أعضاء الرابطة لمنشطات الأمسية الشعرية ما قمن به تجاهي من سوء تصرف، فقد قرعنهن ووبخنهن على ما دبرنهه من ممارسات صبيانية لم توفقن فيها ولم تبلغن مرادهن أبدا، بل استصغرهن الجمهور الذي حاصرهن جزء كبير ممن صمد معنا حتى آخر المطاف في بهو طابق القاعة التي توارت خلف مصراعيها، تلعثمن أمام هول الحصار فكانت أعينهن تلتفت دون توقف نحو نائب أمين عام المجلس أحمد سيراج الذي بدا مترنحا وهو يبحث عن قداحته التي ضاعت منه أكثر من مرة ليشعل سيجارة جديدة وما كاد ينتهي من سابقتها. كان كم الأسئلة التي حاصرته وحاصرت الشويعرتين مثله أكبر من أن يجدوا له تبريرات مقنعة، كما لم تجد له “نزيهة” سببا وقد حاولت التغطية على الأمر، بسحب أعضاء الرابطة فرادى، كل على حدة، تعرض عليهم تمديد الإقامة بالفندق رغم انتهاء مدة الحجز المتزامنة مع أيام المعرض. عرضت على الجميع سواي، فقوبل عرضها بالاعتذار عنه لظروف عمل كل واحد منهم وضروة عودته إلى بلده في أقرب زمن.
لم يظهر أثر لصاحبة عدسة الأمسية التي حاولت توثيق انفعالي المحتمل وقد أوقفت شريكتها قراءتي فوق منبر الشعر بكل وقاحة، لم تكن في واقع الأمر سوى تلك التي أقحمت في ندوتنا إقحاما. لم يسأل عن غيابها أحد ولم يلمح لغيابها أحد، كان الجميع منشغلا معنا في بهو جانبي من الفندق، ضمنا مع أصدقاء لنا من أهل الشعر وأحبابه، تبادلنا خلاله القراءات حتى ساعة متأخرة من الليل، وتبادلنا فيه الضحك والفرح، فلا يجتمع مثلنا إلا على السمر الجميل حتى ولو حاربنا من لا يفهم في هذا الشعور وحاول أن يزيل نعمته من قلوبنا. كانت الكلمة البليغة وكان التجاوب الكبير معها، وكانت فعلا نعم الأمسيات الشعرية حتى ولو كان عدد الملتفين حولها قليل.
حين حاولنا الالتحاق بغرفنا، تم منعنا من إدارة الاستقبال، فقد حدث حادث غريب في الفندق.
تردد أن غرفة صديقتنا التي شاركتنا الندوة قد اقتحمت من طرف مجهول وفتشت، وتردد أن أشياء “ثمينة” قد فقدت، كانت قد اصطحبتها معها من فرنسا لا نعلم ماهيتها، لكنها استدعت الشرطة التي قامت بمعاينة الغرفة وتحرير محضر في الواقعة. كان تأخرنا في السمر قد حجب عنا متابعة كل هذا، لكن سهرنا التالي -اضطرارا- في البهو بسبب هذا الظرف المستجد جعلنا نفتح صفحة السمر من جديد. كان كل منا يتساءل بصوت مرتفع عن إمكانية حدوث جريمة تسلل إلى غرفة محصنة بنظام أمان إليكتروني محكم لا يمكن فتحها إلا ببطاقة خاصة وإلا انطلق جهاز الإنذار ذو الصوت الصاخب؟ كيف استطاع “السارق المفترض” الدخول والخروج دون أن تشعر به العيون المنتشرة في كل مكان، والكاميرات المثبتة في كل الزوايا؟ ولماذا يتم استدعاء الشرطة للتحقيق في الأمر مع أن العودة إلى أشرطة فيديو كاميرات الفندق كان كفيلا بحل اللغز.
لم يتم شيء من ذلك ولم يعرف رأس القضية من أرجلها، كل ما تم تسريبه هو تفجير تلك السيدة لهذه القضية ثم سفرها المفاجئ بعدها مباشرة، كان ربما محاولة يائسة وأخيرة منها لتسليط الأضواء عليها كبطلة أو ربما كضحية، بعدما سلطت عليها كأغبى مصصمة فوضى في تاريخ المجلس وتاريخ المحافل الثقافية والأمسيات الشعرية. سافرت وسافرت بعدها شريكتها الألمانية في الفوضى الخلاقة، نسيهما الجميع ونسوا حتى اسميهما، واشتغل أحمد سيراج ومن يقف وراءه على إيجاد من يستعمل بدلهما في تشتيت أطر وكفاءات مغاربة العالم، أما فيما يخصني أنا فكان لابد وأن أكتب قصيدة عن الحاقدة على المنابر.