Home Slider site في ضيافة عبد الله بوصوف، من ذكريات معرض الكتاب 13 – أحمد...
تشكلت حلقية صغيرة بعد انتهائنا من ندوتنا تلك خارج رواق المجلس، فلم يطلق سراحنا مجموعة من أساتذة الجامعات والباحثين والمهتمين بقضايا الهجرة إلا بعد أن اعتذرنا لهم بضيق الوقت للاستعداد للأمسية الشعرية/ النشاط الرئيسي الذي استقدمتنا من أجله مؤسسة بوصوف. كان عدد أصدقائنا ومعارفنا الذين صادفناهم في مناسبة معرض الكتاب مهما جدا، منهم من نعرف منذ سنوات عدة ومنهم من قابلناهم لأول مرة بعدما التقت أرواحنا المبدعة بهم في العالم الافتراضي.
تحولقنا في زوايا استقبال الفندق جماعات صغيرة، نتبادل ذكريات الكتابة وشغب المشاكسات الفايسبوكية التي كانت سببا في تعرفنا على بعض القامات الإبداعية والفكرية في الداخل المغربي، شعرنا جميعنا أن اللقاء على أرض الواقع أفضل بكثير من مجرد تعارف افتراضي. مرت يومها الكثير من الوجوه أمامي منها من أعرف ومنها من أنكر، لكن بطلة ندوتنا لم يظهر لها أثر البتة، ربما كان أثر الصدمة عليها أكبر مما تصورناه، وكانت خبر انتشار قصتها بين قطاع واسع من مبدعي الداخل ومغاربة الخارج أشد. فقد تهامست الألسن بأن خطة مسؤول ما في اختراق وتوجيه ثلة من خيرة مبدعي الخارج قد فشلت، وبأن سحره قد انقلب عليه، أراد أن يظهرهم بمظهر المرتزقة وقد عبّد الطريق لهم بوعوده الكثيرة، غير أنهم لم يبلعوا طعم مكره، فقلبوا له المجن في الندوة التي حين سيتم نشرها على موقع مجلس الجالية مثلما هي عادته في نشر الندوات التي ينظمها، ستتكشف أمور وخبايا لشريحة كبيرة من المثقفين والمهتمين بالشأن الثقافي المهجري سواء في الداخل أو الخارج.
حان موعد الأمسية الشعرية التي سيحضرها كل الموظفين السامين في المجلس وضيوفهم الشرفيين، وقطاع كبير من مثقفي الداخل وأطره الفكرية والإبداعية والإعلامية. كنت قد نظمت وحضرت عدة أمسيات في دول أوروبية عدة، ودول عربية كمصر والإمارات ولبنان عدا أنحاء عديدة من المغرب، غير أن أمسية مع ممثلين من “الدولة المغربية” ومؤسساتها المهتمة بنا “كجالية” كانت لها أهميتها المختلفة، سيليها على الأقل اعتراف بنا كطاقات متميزة، ووضع لهم أمام واقع جيل جديد من الشعراء غير ما عرفوه من قبل، يمكن أن يقدم أفكارا جديدة لبلده إذا أتيحت له الفرصة، وعلى أعلى مستوى، ويمكن أن يشرفها ويرفع رأسها في العالم إذا دعيت لتلك المهمة.
أعددت ملفا يليق بالأمسية ودسست بين دفتيه قصائد تليق بالمقام، تنوعت بين عمودية وتفعيلة، وتهندمت بشكل يليق بشاعر وكاتب وإعلامي، ثم انطلقت إلى بهو الفندق لأجتمع بباقي زملائي، نتبادل الأفكار حول ترتيب الأمسية ومساحة كل واحد منا الزمنية، كنا نظن -وهذا ما وُعدنا به- أن الأمسية ستكون مقتصرة علينا نحن شعراء الخارج، إضافة إلى شاعر محتمل حضوره من بلد أوروبي آخر، وشاعرة من ألمانيا.
كانت شاعرتنا إياها واقفة مثل أرصاد المدن القديمة بباب القاعة الكبرى التي أُمرنا بالتوجه إليها بإحدى طوابق الفندق، وكانت إحداهن تقف بالجانب الآخر من الباب، سبق لي وأن تعرفت عليها خلال استضافتي من قبل من طرف مؤسسة أخرى تعنى بمغارة العالم، حاولت استدراجي في مشروع وهمي لها تود أن “تسترزق منه” فرفضت، فلم تنسها لي أبدا.
اقتربت في جماعة الشعراء من باب القاعة فنادت علي بالاسم أن اقترب منها وقد تنحت جانبا بعض الشيء حتى لا يسمعها غيري: ”إسمع حضراوي، خمس دقائق لا أكثر”.
خمس دقائق ماذا أجبتها مستغربا؟
لديك خمس دقائق فقط لقراءة شعرك؟
عفوا، هل لك أن تبيني لي ما علاقتك أنت بالتوقيت المخصص لي، فأنا ضيف المجلس حسب ما قيل لي؟
في هذه اللحظة بالذات التحقت به الشاعرة التي تم دسها بيننا في الندوة.
إسمع حضراوي لديك الوقت الذي حددته لك “ن.ي”، وإذا كان لديك أدنى اعتراض فيمكنك أن تشتكي لمن شئت.
أنا لن أشتكي ولكني يمكنني أن أنسحب من المشاركة ما دام أمرها بأيديكن، لكن هل تتحملن مسؤولية عدم مشاركتي بل وعدم مشاركتنا جميعا في الأمسية المخصصة خصيصا لنا، والتي لأجل إقامتها تم بذل الكثير من مال الدولة كتكاليف سفر وتنقل وإقامة؟
لم تباليا بأي شيء مما ذكرته، بل دخلتا القاعة بقفطاينهما المغربيين وزينتهما وبهرجتهما، وبدأتا بترتيب الديكور بابتساماتهما الصفراء التي أطلقناها في وجه الحضور، بدْءا بوجه السيد رئيس المجلس وزوجته وباقي طبقة الحضور المبجلة.