إيطاليا التي أعشق – دليلة حياوي

0
538

La mia adorata Italia..
بإيطاليا التي أعشق..
بمطار روما.. وتحديدا أمام شباك مراقبة الجوازات المزدوج.. حيث يجلس ضابطان إيطاليان.. كان مصطفّاً إلى يميني رجلٌ لربما في أواخر عقده السبعيني.. يعتمر طربوشا وطنيا بلون المسك.. ويرتدي جلبابا بنِّيا مُخاطا ببرشمان وعُقد من لون الطربوش ذاته.. بينما زوجته التي تصغره بقليل على ما يبدو من حركتها وحيويتها كانت ترتدي جلبابا قرمزيا (بالقبّ).. مخاطا بسفيفة وعقد بلون الورد البلدي.. وتغطي ثلث وجهها.. أي الفم والذقن بلثام من الموسلين الأسود بتطريز رباطي يدوي بلون الجلباب ذاته.. كانا متفردين بزيهما ذاك.. كما لو أنهما خرجا من كوة سنوات السبعينيات البهية.. أي قبل المد الوهابي حسراه الله وما شابهه من تيارات تغيب العقل! وبالتالي لم يكن بوسع العين إلّا أن تتبعهما وهما يتقدمان نحو شباك الجوازات..
أخذ الضابط منهما الجوازين لتمرير حاشيتيهما البيوميتريتين في الآلة الخاصة بتخزين البيانات الشخصية.. نظر إلى الزوج.. ثم الزوجة.. فاستأذن من الزوج شارحا بأدب جم كون الإجراءات الأمنية تستوجب كشف وجه الزوجة كاملا.. ورفع سماعة الهاتف مخاطبا المكتب الرئيسي:
– سأرسل مسافرة منقبة إلى المخدع للتحقق من تطابق ملامحها والصورة الموجودة بالجواز.. فلتكن في استقبالها ضابطة امرأة!.. أشدد!! ضابطة امرأة.. احتراما لثقافتها.. ضابطة امرأة!!
بقيت شاردة بل فاغرةً فاهي بجوازي المختوم في يدي.. وقدماي تضربان الأوتاد أمام هذا المشهد الرائق الذي ينبي عن درجة سامية من الوعي وتقبل الاختلاف لدى الآخر.. لبرهة قبل أن ينقر على الزجاج الضابط الذي أنهى إجراءاتي.. مشيرا لي بسبابته أن ثمة صف طويل من المسافرين خلفي!!!
إنها إيطاليا التي أعشق!!!

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here