Home Slider site الهيأة التنفيذية لمسلمي بلجيكا بين سوء التدبير والاختراق – محمد الحراق
تسيير الشأن الديني بأوروبا عموما وببلجيكا خصوصا ما زالت تشوبه عدة نواقص، ويتسم بتصرفات غير مسؤولة وعشوائية لممثليه. وهذا يظهر جليا في عدة فضائح تطرقت إليها الصحافة الأوروبية ووسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي عدة مرات. لكن لا حياة لمن تنادي، بل بالعكس يستمر هؤلاء المسؤولون في تعنتهم وينتهجون سياسة النعام في دفن رؤوسهم في الرمال وكأن لا أحد يراهم أو يتابع أعمالهم، التي وصفت من طرف وسائل الإعلام بالفساد والغموض وازدواجية الخطاب.
والهدف من هذه المقالات ليس الإساءة للأشخاص بل تسليط الضوء على أخطائهم الفادحة، وسلوكياتهم الفردية المتعنتة في طريقة تسيير وتدبير المؤسسات الدينية الكبرى التي تمثل المسلمين بأوروبا وبلجيكا على الخصوص، مستغلين عدم الاهتمام من طرف المهاجرين بشأن التمثيلية واعتبارها قضية ثانوية وغير ذات أهمية، نظرا لغياب التواصل والتوعية والتأطير الذي من المفروض أن تقوم به هذه الهيآت. إلى درجة أن الكثير لا يعرف حتى اسمها ولا من يترأسها، فما بالك بأهدافها وتسييرها وأموالها، والصراعات بل والاختراقات السهلة لصفوفها.
في بلجيكا هناك اعتراف بالإسلام ضمن الديانات الرسمية في الدستور البلجيكي. وقد كانت الهيأة الرسمية الممثلة للمسلمين ببلجيكا هي المركز الثقافي الإسلامي ببروكسيل الذي يوجد مقره بالمسجد الكبير التابع لرابطة العالم الإسلامي، والذي تأسس سنة 1967 في إطار علاقة تجارية وديبلوماسية، جمعت بين المملكتين السعودية والبلجيكية، تتويجا للصداقة القوية التي كانت بين الملكين فيصل وبودوان آنذاك.
لكن بسبب التوجه الوهابي للمركز والذي لم يعد ينسجم بتاتا مع أسلوب وطريقة تدين مختلف الجنسيات المتنوعة الوافدة على بلجيكا خاصة التركية منها والمغاربية، برزت تجاذبات وصراعات أدت إلى التفكير في تمثيلية بديلة تكون المخاطب الوحيد بين المسلمين والدولة البلجيكية ومؤسساتها، وعبر مجموعة من المحطات، تم تشكيل مؤسسة تمثل المسلمين وهي: ” الهيأة التنفيذية لمسلمي بلجيكا“.
البداية كانت موفقة وناجحة صراحة، إذ كانت انتخابات الهيأة المسيرة بطريقة مباشرة، وتمت تزكيتها بمرسوم ملكي صدر عن ملك بلجيكا بتاريخ 03 ماي 1999، كان بمثابة اعتراف رسمي بهذه الهيأة كممثل وحيد لمسلمي بلجيكا أمام الدولة البلجيكية وهيآتها.
ومنذ ذلك التاريخ والهيأة تشرف على عدة مساجد معترف بها، فهي من تتلقى طلبات الاعتراف، وهي من تعين الأئمة بها، وترصد الدعم المالي المخصص لها. كما أنها هي من تعين أساتذة الدين الإسلامي بكافة المدارس العمومية البلجيكية الابتدائية والثانوية، وهي من تضع التوجهات العامة لتدريس هذه المادة وتقوم بدور المراقبة والتقويم حسب ما تنشره على موقعها الإليكتروني، ولكن ليس هناك دليل ملموس على مدى فعالية هذه المتابعة والمراقبة.
وتقوم أيضا حسب المنصوص عليه بمراقبة الذبيحة الحلال ودفن موتى المسلمين، وتعيين الوعاظ بالسجون والمستشفيات إلى غيرها من المهام المنوطة بها، والصلاحيات الكبرى التي بين أيديها. لكن لا يمكن الجزم بمدى تنفيذ ذلك على أرضية الواقع ومدى تأثيرها وفعاليتها الحقيقية.
لكن ستأتي سنة 2014 لتدخل الهيأة في نفق مظلم، إذ أخذ الذين تمكنوا من كراسي المسؤولية فيها في التراجع عن الوضوح والشفافية، وقاموا بالانقلاب على المباديء الديمقراطية التي قامت عليها أوروبا وضحى من أجلها الملايين لترسيخها على هذه الأرض، وبها تقدمت ونهضت لتصبح من أرقى الأمم اقتصاديا واجتماعيا، فتناسى مسيرو الهيئة الدستور البلجيكي والمباديء الديمقراطية، بل وضربوها في الصميم، ليقتصر التصويت على دائرة مصغرة من جمعيات تتلقى الدعم من الهيأة، بل كانت صنيعتها نفسها لتضمن بها الولاء الدائم لها، وتلعب بأوراقها كما سنتطرق إلى ذلك بتفصيل فيما بعد.
كانت النتيجة معروفة مسبقا، حيث تم الإبقاء على نفس الوجوه، ونفس أسلوب التسيير: التداول على رئاسة الهيأة بين التركي والمغربي. وهكذا بدون اهتمام بباقي الجنسيات بحكم أعداد المغاربة والأتراك في بلجيكا، وليتم إقبار الانتخاب المباشر نهائيا، لكي تنفرد بالتسيير الغامض والتسلط على رقاب المسلمين على هذه الديار دون حسيب أو رقيب.
ـ يتبع ـ
ـ الفردانية في اتخاذ القرارات وعشوائية التسيير.
ـ عدم الشفافية وغموض التدبير المالي.
ـ انعدام التأطير وفقدان التأثير.
ـ الاختراق الخارجي.