يوميّاتي مع كورونا في شيكاغو “42” __ هناء عبيد

0
260

يوميّاتي مع كورونا في شيكاغو
تبسّم للنّبي، للنّبي تبسم
٤٢

عادت الحياة إلى طبيعتها في شيكاغو، فتحت المطاعم وجميع المحلّات التّجاريّة، والصّالونات والبنوك؛ عدت للتّسوّق الضّروري؛ فأنا لست من عشّاق التسوّق، ربّما هذه الأيّام بتّ أعشق التوجّه إلى المحلّات التّجاريّة لابتعادي عنها مدّة من الزّمن؛ أي أنّها زيارة شوق وحنين.
توجّهت اليوم إلى محلّ تجاريّ مشهور في أمريكا يدعى “وول مارت”، روّاده كثر بسبب أسعاره المناسبة وتنّوع بضائعه، ففيه يمكنك إيجاد كل لوازمك، حيث يوجد فيه فرع بنكيّ، صيدليّة، مطعم، ملابس، خضرة، مواد تموينيّة أي كما يقول إخوتنا المصريّون بلهجتهم الجميلة” بتاع كلّه”.
المضحك في الأمر أنّني حييّت صديقتي الّتي تعمل محاسبة في المحلّ؛ كنت وهي نرتدي الكمّامة، لم أر ابتسامة صديقتي وأظنّها لم تر ابتسامتي، قلت لها أنا ابتسم فردّت علي: وأنا كذلك، يا لهذه الكمّامة، حبست ابتسامتنا وأخفتها، حتّى تلفوني لم يتعرّف عليّ؛ فكان لزامًا عليّ أن أدخل الباسوورد حتّى يعمل.

قبل دخولي المحلّ، كان الطّابور المنتظر طويلًا جدًّا لدرجة أنني أوشكت على المغادرة، فأنا لست صبورة عند الازدحام، وتزعجني فوضى الكثرة، لكنّي تريّثت، التّنظيم بدا واضحًا، لم يزدحم المكان بالنّاس حيث كان يتمّ إدخال أعداد محدّدة بين الحين والآخر؛ لضمان مسافات كافية من التّباعد الاجتماعيّ.
تجوّلت في المكان، الجميع التزم بارتداء الكمّامة، لكنّ المشهد كان غريبًا، لماذا اختار القدر لنا أن نظلّ مكمّمي الأفواه؟ الفيروس الصّغير يتحكّم بنا، ألا يكفينا الفيروسات الكبيرة الّتي كتمت أنفاسنا؟!
انتقيت حاجاتي الضرّوريّة، توجّهت إلى الكاشير، هناك لم أعرف إن كانت ستبتسم أم لا، بكلّ الأحوال نحن نستشعر البسمة من مخارج الحروف؛ فكلّ حرف مبتهج يرسم بسمة، الكاشير لم تبتسم بل كانت غليظة جدّا، تشوّح بيدها، وترفع صوتها، لا تحتاج أن تقول: أنا مكشّرة، حروفها كانت فظّة كمعاملتها، جبينها منكمش بين حاجبيها المقطبين؛ وددتّ لو أنّني لم أتعثّر بها اليوم، لقد عكّرت مزاجي.
ليس ذنبها أنّها لم تنعم بهديّة الابتسام، لكنّ ذنبها يكمن في صبّ جام غضبها على الآخرين، وَقَعْتُ في حيرة، هل أشكوها إلى ربّ عملها أم أتركها دون رادع فتطفئ يوم غيري بغلاظتها؟
خشيت من عاقبة شكواي؛ ماذا لو تمّ طردها؟ لا تقبل نفسي التسبّب في قطع رزق أحد، مع أنّ الله الرّازق وهو خير الرّازقين.
تبسم للنّبي، للنّبي تبسّم؛ أغنية عفاف راضي تصدح في رأسي..
تبسّمي للّنبي، وإن عَجَزْتِ فلتمسكي أعصابك عنّا قليلًا؛ فالظّهر مثقلٌ بالهموم، يحتاج إلى من يحمل العبء عنه.
تبسّمي للنّبي فالبسمة صدقة..
غدًا سيكون أجمل بابتساماتكم..

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here